القطب الثالث : المعقود به ، وهو الصداق .
وفي التنبيهات : يقال بفتح الصاد وكسرها ، وأصدقه وصدقة ، وفي الجواهر : لا يجوز التراضي بإسقاطه لقوله تعالى : ( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم ) ( الأحزاب : 50 ) ، أي : من الصداق ، وقوله تعالى : ( وهبت نفسها ) يقضي اختصاص المرأة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - دون المؤمنين ، وقوله تعالى : ( خالصة ) لا بد فيه من زيادة فائدة ; لأن الأصل عدم التكرار ، وهي اختصاص الهبة به دون المؤمنين فلا يجوز لغيره فيتعين اشتراط الصداق ، ولا يلزم التصريح به .
[ ص: 350 ] لقوله تعالى : ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) ( البقرة : 236 ) فنص تعالى على شرعية الطلاق في صورة عدم الفرض ، ومشروعيته دليل صحة النكاح ، والواجب لا بد أن يقدر حتى يخرج المكلف عن عهدته ، قال اللخمي : وقدره : ربع دينار ، أو ثلاثة دراهم ، أو ما يساوي أحدهما ، وقيل : ما يساوي ثلاثة دراهم ، كقول ابن القاسم في السرقة ، وفي القبس : قال ابن وهب : أقله درهم ونحوه ; لطلبه - عليه السلام - خاتما من حديد ، وعند ( ح ) : عشرة دراهم ; لأنه نصاب السرقة عنده ، فإن تزوجها بخمسة وطلقها قبل البناء أخذتها ; لأن الصداق الواجب عنده لا يتشطر ، واحتج بقوله عليه السلام : ( ) ، قال صاحب الاستذكار : ولم يثبته أحد من أهل العلم ، وعند ( ش ) : هو غير مقدر بل ما ينطلق عليه اسم مال ، وعند لا صداق أقل من عشرة دراهم : ما ينطلق على نصفه اسم مال ; ليبقى لها المسمى بعد التشطير لقوله تعالى : ( ابن حنبل أن تبتغوا بأموالكم ) ( النساء : 24 ) فيقتصر على المسمى قياسا كسائر الصور التي أطلقت فيها النصوص ، وجوابهما أن هذه القاعدة صحيحة لكن السنة أبطلت الاقتصار على المسمى هاهنا ، وهي ما في ( الموطأ ) ( ) يدل من أربعة أوجه : أنه - عليه السلام - جاءته امرأة فقالت : يا رسول الله ، قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة فقال عليه السلام : هل عندك من شيء تصدقها إياه ؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا ، فقال [ ص: 351 ] عليه السلام : إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئا ، فقال : لا أجد شيئا ، فقال : التمس ولو خاتما من حديد ، فالتمس فلم يجد شيئا ، فقال له عليه السلام : هل معك من القرآن شيء ؟ فقال : نعم ، سورة كذا ، وسورة كذا لسور سماها ، فقال عليه السلام : قد أنكحتكها بما معك من القرآن
أحدها : قوله : ما عندي إلا إزاري ، ومعلوم بالعادة أن الإنسان لا يعجز عن حجر أو حطب أو ما يساوي فلسا فدل ذلك على أن المراد ما له بال ، وإلا فالعادة تكذبه ، وكان - عليه السلام - يكذبه حينئذ .
وثانيها : قوله ما أجد شيئا بعد قوله عليه السلام : التمس شيئا ، ومعلوم أنه لو التمس ما ذكرناه لوجده .
وثالثها : قوله عليه السلام : التمس ولو خاتما من حديد ، في معرض المبالغة يقتضي أن ذلك أقل ما يجزئ ، ومعلوم أن الخاتم أعظم من أقل ما يتمول .
ورابعها : قوله : فالتمس فلم يجد شيئا ، ومعلوم أنه يجد ما تقدم ذكره فدل ذلك على أن المراد بالآية ما له قدر من المال فيتعين ما ذكرناه ; لأنه عضو فيستباح بالمال فوجب أن يقدر ما ذكرناه كقطع اليد في السرقة ، وأما ( ح ) فوافقنا في المدرك غير أنه خالف في نصاب السرقة فنجيبه في بابه إن شاء الله .
فرع
قال ابن يونس : إذا تزوجها بغير صداق ، قال : يفسخ بعد الدخول ، قال سحنون أشهب : ولها بعد البناء والفسخ ثلاثة دراهم ، وقال ابن وهب : صداق المثل لبطلان ما حصل الرضا به ، وفي الكتاب : لا يفسخ بعد البناء ولها صداق المثل . [ ص: 352 ] فرع
قال صاحب المقدمات : استحب العلماء عدم ; لأن صداق أزواجه - عليه السلام - كان خمسمائة درهم لغالبهن مع فرط شرفه وشرفهن . المغالاة في الصداق
فرع
في الكتاب : إذا فسخ ، إلا أن يدخل فيجبر على الإتمام ، ولا يفسخ للخلاف في هذا الصداق ، وقال غيره : يفسخ قبل البناء وبعده ، وإن أتم ، ولها صداق المثل بعد البناء كمن تزوج بغير صداق ، قال تزوج بدرهمين أو ما يساويهما ابن القاسم : وإن طلق قبل البناء فلها درهم لقوله تعالى : ( فنصف ما فرضتم ) ( البقرة : 237 ) ، قال ابن يونس : قال ابن الكاتب إذا لم يتم فسخ بطلقة ، ولا شيء لها إلا نصف الدرهمين ، ولا غيره ; لأن التشطير فرع الصحة ، ونحن لا نصححه ، قال : والصواب : لها نصف الدرهمين ، والفسخ عندنا استحبابا .