القسم الخامس من الكتاب : في
nindex.php?page=treesubj&link=4951تأجيل العقد ، وهو السلم
وفي ( التنبيهات ) : سمي سلما لتسليم الثمن دون عوضه ، ولذلك سمي سلفا ، ومنه : الصحابة سلف صالح لتقدمهم ، قال
سند : ويقال سلف وسلم وأسلم ، وأصله : الكتاب والسنة والإجماع ، أما الكتاب فعموم قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع ) وخصوص قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) فالأمر بكتابته فرع مشروعيته ، ولقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو السلم ، وأما السنة : فما في
مسلم : قدم عليه السلام
المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث ، فقال عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349402من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم ) ونهى
[ ص: 224 ] عليه السلام عن بيع ما ليس عندك ، وأرخص في السلم ، واجتمعت الأمة على جوازه من حيث الجملة ، ولأن الثمن يجوز تأخيره في الذمة فيجوز المثمن قياسا عليه ، ولأن الناس يحتاجون لأخذ ما ينفقونه على ثمارهم قبل طيبها فيباح لهم البيع ، ولتنمية أموالهم بشراء ما يتأخر فيباح لهم الشراء .
قاعدة في أصول الفقه : أن المصالح الشرعية ثلاثة أقسام : ضرورية كنفقة الإنسان ، وحاجية كنفقة الزوجات ، وتمامية كنفقة الأقارب ، والرتبة الأولى مقدمة على الثانية ، والثانية على الثالثة عند التعارض ، وكذلك دفع الضرر عن النفوس والمشقة مصلحة ولو أفضت إلى مخالفة القواعد ، وذلك ضروري مؤثر في الرخص كالبلد الذي يتعذر فيه العدول ، قال
ابن أبي زيد في ( النوادر ) : تقبل شهادة أمثلهم ; لأنها ضرورة ، وكذلك يلزم في القضاة وسائر ولاة الأمور ، وحاجية في الأوصياء وسائر ولاة الأمر ، وحاجية على الخلاف في عدم اشتراط العدالة ، فإن التولية على الأيتام في الأموال والأبضاع إنما تحسن لمن تثبت أمانته على خلاف القواعد ، وتمامية في السلم والمساقاة وبيع الغائب ، في أن في منعها : مشقة على الناس ، وهي من تمام معاشهم .
وهذا القسم مشتمل على بابين : الباب الأول في السلم ، والباب الثاني في القرض .
الْقِسْمُ الْخَامِسُ مِنَ الْكِتَابِ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=4951تَأْجِيلِ الْعَقْدِ ، وَهُوَ السَّلَمُ
وَفِي ( التَّنْبِيهَاتِ ) : سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ دُونَ عِوَضِهِ ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَلَفًا ، وَمِنْهُ : الصَّحَابَةُ سَلَفٌ صَالِحٌ لِتَقَدُّمِهِمْ ، قَالَ
سَنَدٌ : وَيُقَالُ سَلَفَ وَسَلَمَ وَأَسْلَمَ ، وَأَصْلُهُ : الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ ، أَمَّا الْكِتَابُ فَعُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) وَخُصُوصُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) فَالْأَمْرُ بِكِتَابَتِهِ فَرْعُ مَشْرُوعِيَّتِهِ ، وَلِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : هُوَ السَّلَمُ ، وَأَمَّا السُّنَّةُ : فَمَا فِي
مُسْلِمٍ : قَدِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
الْمَدَيْنَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349402مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ) وَنَهَى
[ ص: 224 ] عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ، وَأَرْخَصَ فِي السَّلَمِ ، وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ ، وَلِأَنَّ الثَّمَنَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ فِي الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ الْمُثَمَّنُ قِيَاسًا عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ لِأَخْذِ مَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى ثِمَارِهِمْ قَبْلَ طِيبِهَا فَيُبَاحُ لَهُمُ الْبَيْعُ ، وَلِتَنْمِيَةِ أَمْوَالِهِمْ بِشِرَاءِ مَا يَتَأَخَّرُ فَيُبَاحُ لَهُمُ الشِّرَاءُ .
قَاعِدَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ : أَنَّ الْمَصَالِحَ الشَّرْعِيَّةَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : ضَرُورِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ ، وَحَاجِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ ، وَتَمَامِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ ، وَالرُّتْبَةُ الْأُولَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ ، وَالثَّانِيَةُ عَلَى الثَّالِثَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ ، وَكَذَلِكَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ النُّفُوسِ وَالْمَشَقَّةِ مَصْلَحَةٌ وَلَوْ أَفْضَتْ إِلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ ، وَذَلِكَ ضَرُورِيٌّ مُؤَثِّرٌ فِي الرُّخَصِ كَالْبَلَدِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْعُدُولُ ، قَالَ
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي ( النَّوَادِرِ ) : تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَمَثْلِهِمْ ; لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ ، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ فِي الْقُضَاةِ وَسَائِرِ وُلَاةِ الْأُمُورِ ، وَحَاجِيَّةٌ فِي الْأَوْصِيَاءِ وَسَائِرِ وُلَاةِ الْأَمْرِ ، وَحَاجِيَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ ، فَإِنَّ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَيْتَامِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَبْضَاعِ إِنَّمَا تَحْسُنُ لِمَنْ تَثْبُتُ أَمَانَتُهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ ، وَتَمَامِيَّةٌ فِي السَّلَمِ وَالْمُسَاقَاةِ وَبَيْعِ الْغَائِبِ ، فِي أَنَّ فِي مَنْعِهَا : مَشَقَّةٌ عَلَى النَّاسِ ، وَهِيَ مِنْ تَمَامِ مَعَاشِهِمْ .
وَهَذَا الْقِسْمُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَابَيْنِ : الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي السَّلَمِ ، وَالْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَرْضِ .