تمهيد : قال : الأعمال ثلاثة أقسام ، ما تصح فيه الإجارة والجعل كبيع الثوب ، وحفر البئر ، وقضاء الديون ، والمخاصمة في الحقوق ، وعن مالك : منع الجعل في الخصومة ، ويمتنعان فيه ، وهو ما يحرم فعله أو يجب ، وفيه الإجارة فقط كخياطة الثوب ، وخدمة الشهر ، وبيع السلع الكثيرة والسلعة الواحدة التي يعلم وجود ثمنها في الحال ونحوه مما تبقى للجاعل منفعته ، ويمتنع لتضاد أحكامها ، ويفسدان جميعا ، وعن اجتماع الجعالة والإجارة : اجتماع المغارسة والبيع ، وهو من هذا القبيل . سحنون
فرع
في الكتاب : يجب فيها ضرب الأجل ، ويمتنع النقد لتوقع عدم البيع في جملة الأجل ، فيرد بعض الأجرة ، فيكون تارة بيعا وتارة سلفا ، وإن لم ينقد ومضى من الأجل بعضه فللأجير حصته ; لأنه في مقتضاها . الإجارة على البيع
فرع
قال : يجوز على ، على أنه متى شاء ترك ; لأنها إجارة فيها خيار ، ويمتنع النقد كما تقدم ، قال صاحب الإشراف : يجوز - عندنا - بيع سلع كثيرة شهرا خلافا للشافعية ، قياسا على البيع ، قال شرط الخيار في الإجارة المعينة والمضمونة ابن [ ص: 436 ] يونس : ويمتنع التطوع بالأجرة بعد العقد ; لأنه لما كان له الترك متى شاء كأنه فسخها في العمل ، فهو كفسخ دين في دين ، وكذلك لو ، قال أجره على أنه بالخيار ثلاثة أيام وهو كالتطوع بالنقد في السلم بالخيار : لا أعرف هذا الخيار ، وإنما يكون الخيار يومين أو ثلاثة ما لم يعمل ، قال سحنون حمديس : لو صح قول ابن القاسم لفسدت الإجارة ; لأنه إنما يجوز من الخيار في الإجارة مما يجوز في البيع ، قال محمد : إنما يمتنع النقد إذا ضرب أجلا إذا كان المتاع معينا وإلا فيجوز ويعمل له جملة الأجل .
سؤال : أي محذور في قولنا : تارة بيعا وتارة سلفا ؟ .
قاعدة : ، شرعه الله - تعالى - معروفا وإحسانا بين الخلق ، وما شرع لحكمة يمتنع إيقاعه غير متضمن تلك الحكمة ، فلا تجوز الملاعنة في حق المجبوب لدرء النسب ; لكونه منتفيا عنه بغير لعان ، ولا تجوز إقامة الحدود على السكارى حالة السكر لعدم مشاهدتهم لتفاصيل المؤلمات حينئذ ، ولا تشرع عقود المعاوضات مع الغرر والجهالات لذهابها بانضباط مظان تنمية المال ، فكذلك السلف ، لا يجوز السلف على غير وجه المعروف أوقعه للمكايسة لا للمعروف فيمتنع ، والدافع الثمن أو الأجرة لم يدفعها للمعروف ، فتوقع ردها بعد الانتفاع توقع لسلف لم يقصد به المعروف فيمتنع ، لكنه أخف من السلف بشرط النفع ; لكونه لم يتعين كونه سلفا بخلاف ذلك . والسلف بشرط البيع
فرع
في الكتاب : يمتنع لأنه سلف للنفع ، قال صاحب النكت : إن وقع رددت مثل السلف والثوب لك ، وعليك أجرة المثل لفساد العقد . وقد انتفعت بالربا ، وليس كمن دفعت له خمسين على أن يسلفك خمسين ويعمل الجميع سوارين ، وتعطيه أجرته ; لأن عين الذهب قائمة والغزل استهلك ، بل هو كمن موه لجاما على أن يزيده الصانع من عنده ; لأن ما جعل في اللجام مستهلك ، وقيل : الثوب بينهما على قدر غزلهما ، وله [ ص: 437 ] أجرة مثله في حصتك كالسوارين ، قال : والأول أصوب ، قال النسج على أن يسلفك غزلا اللخمي : على القول بأن الثوب مشترك بينهما فعليه الأقل من المسمى فيما ينوب الغزل ، أو إجارة المثل .
فرع
في الكتاب : إذا لزمته الأجرة . وإن لم يلبسه ; لأن بذل الأجرة على التمكين ، ولأن المنفعة هلكت تحت يده ، فتجب الأجرة كالثمن في البيع إذا هلك المبيع عنده ، ولو حبسه بعد المدة فالأجرة عليه للحبس من غير لبس مع أجرة العقد ; لأنها منفعة لم يعاقد عليها ، وقال غيره : بحساب ما استأجر إن كان ربه حاضرا ; لأن حبسه بعد العقد رضا بمقتضاه ، ولو ضاع في نصف الأجل وأصابه بعده لم يلزمه أجرة الضياع ، بل حصة النصف الأول ، وكذلك الدابة ، قال استأجر ثوبا أو خيمة شهرا فحبسه ابن يونس : قيل معنى أجرته بعد المدة من غير لبس : أن يكون كراؤه ملبوسا في الشهر عشرة ، وإبلاء اللبس في الشهر خمسة فيكون عليه خمسة ، وكذلك الدابة ، قال : وفيه تطويل . بل يقال : كم أجرتها غير مركوبة وملبوس مع أنه حبسهما عن ربهما ، وفوته منافعهما ، وإلا يلزم إذا كان اللبس لا ينقصه أن يعطي مثل كراء الشهر ، وهو خلاف قوله .
فرع
في الكتاب : يمتنع ; لاختلاف الناس في اللبس والأمانة ، ويضمن إن فعل لاختلاف الناس في اللبس ، ويكره في الدابة المركوبة وإن كان مثله أو أخف ; لأن الأخف قد يعقر الدابة بقلة معرفته للركوب ، فأمره غير منضبط ، غير أن الدابة فيها تحمل بخلاف الثوب ، ولا يفسخ ولا يضمن إذا كان مثله في الخفة والحلة والحالة ، ولو بدأ له في السفر أو مات أكتريت من مثله ، وكذلك الثياب ، خلافا لـ ( ش ) بخلاف دفعك الثوب المكرى لغيرك يلبسه ، فلك كراؤه في مثل حالك في لبسك وأمانتك ، قال الكراء للسفن والدور والفسطاط ابن يونس : [ ص: 438 ] لم يضمنه في كراء الثوب كالفسطاط ، والمذهب في الدابة والثوب : الكراهة ، وهو مراده في الكتاب ، وفي الكتاب : تجوز سحنون ، فإن أجره له في غيره فعطب ضمنه إن كان عملا يعطب في مثله ، ولأنه متعد ، قال إجارة العبد فيما استأجره له ابن يونس : له أن يحوله من العمل إلى نوعه مثل الحصاد والحزر والفصد ، فإن قال : لا أحسنه ، فلك فسخ الإجارة إلا أن يكون يسيرا لا ضرر عليك فيه .