الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت في ثلاثين من البقر تبيع ، فلا شيء فيما دونه . فالتبيع ذكر وهو ما له سنة ، وسمي تبيعا لأنه قد قوي على اتباع أمه ، فإن أعطى تبيعة قبلت منه ، ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ أربعين ، فإذا بلغتها فهي مسنة ، وهي التي لها سنة كاملة وقد دخلت في الثانية ، فإن أعطى مسنا ذكرا نظر في بقره ، فإن كانت إناثا كلها أو ذكورا كلها ، ففي جواز قبول المسن وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يقبل لنصه صلى الله عليه وسلم على المسنة .

                                                                                                                                            والثاني : يقبل ؛ لأن في مطالبته بمسنة من غير ماله إضرار به . ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ ستين ، فإذا بلغتها ففيها تبيعان ، هذا قول الشافعي ومالك .

                                                                                                                                            وعن أبي حنيفة ثلاث روايات :

                                                                                                                                            أحدها : كقول الشافعي : لا شيء في زيادتها حتى تبلغ ستين فيكون فيها تبيعان ، وبه قال أبو يوسف ومحمد .

                                                                                                                                            والرواية الثانية عنه : أنه كلما زادت على الأربعين واحدة ففيها بقسطها من المسنة .

                                                                                                                                            والرواية الثالثة : أن لا شيء فيها حتى تبلغ خمسين فيكون فيها مسنة وربع ، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان تعلقا بأن بنت لبون لما لم تعد في الإبل إلا بعد فرض الحقة والجذعة [ ص: 109 ] اقتضى أن لا يعد التبيع في البقر إلا بعد فرضين ، فالأول مسنة ، والثاني مسنة وربع ، قال : ولأن الوقص في البقر تسع ، والفرض يتعين بالعاشر فيما قبل الأربعين وبعد الستين ، فاقتضى أن يكون مثل ذلك في الخمسين ، وهذا خطأ ، والدلالة عليه : رواية سلمة بن أسامة ، عن يحيى بن الحكم ، عن معاذ ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " في ثلاثين تبيع ، وفي أربعين مسنة إلى ستين ، فإذا بلغتها ففيها تبيعان ، ثم لا شيء فيها دون ذلك " ولأنها زيادة على نصاب في نوع من الحيوان فوجب أن لا يتغير فرضها ابتداء إلا بسن كامل كالإبل والغنم ، ولأنها زيادة لا يجب بها جبران كامل ، فوجب أن لا يتغير بها الفرض ، قياسا على ما دون الخمسين وفوق الأربعين ، فأما احتجاجه بأن بنت اللبون لما لم تعد إلا بعد فرضين فكذلك التبيع فيبطل بالشاة في أول فرض الإبل ، وبنتي لبون تجب في ستة وسبعين ، ثم يجب بعدها حقتان في إحدى وتسعين ، ثم بعده بنات اللبون في مائة وإحدى وعشرين ، وليس بينهما إلا فرض واحد وهو الحقاق ، وأما قوله : إن أوقاص البقر تسع ، فباطل بالوقص الأول ؛ لأنه تسع وعشرون .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية