الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان بين رجلين أربعون شاة ولأحدهما ببلد آخر أربعون شاة أخذ المصدق من الشريكين شاة ، ثلاثة أرباعها عن صاحب الأربعين الغائبة وربعها عن الذي له عشرون لأني أضم مال كل رجل إلى ماله " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في أربعين شاة بين رجلين ، ولأحدهما ببلد آخر أربعون شاة مفردة ، ففي قدر الزكاة لأصحابنا أربعة مذاهب .

                                                                                                                                            أحدها : وهو نص الشافعي وبه قال أبو إسحاق وجمهور أصحابنا أن عليهما شاة ثلاثة أرباعها عن صاحب الستين ، وربعها عن صاحب العشرين ؛ لأن ملك الرجل يجب ضم بعضه إلى بعض وإن افترق ، فإذا ضمت الغائبة إلى الحاضرة صار كأنه خليط بجميعه وذلك ستون شاة من جملة ثمانين شاة ، وهذا أصح المذاهب .

                                                                                                                                            والمذهب الثاني : وبه قال أبو علي بن أبي هريرة أن على صاحب العشرين نصف شاة ، لأنها من جملة أربعين وعلى صاحب الستين شاة كما لو انفردت ، قال : لأنه لو كانت الخلطة ببعض المال خلطة بجميعه لوجب إذا كان بينهما ثلاثون شاة ، ولأحدهما ببلد آخر عشر أن تضم إلى الثلاثين ليكمل النصاب وتؤخذ منه الزكاة ، وفي إجماعهم على أن لا زكاة في هذا المال ، دليل على أن الخلطة ببعض المال لا تكون خلطة بجميعه ، وأن ما انفرد من مال الخلطة له حكم نفسه .

                                                                                                                                            والمذهب الثالث : أن على صاحب العشرين نصف شاة ، وعلى صاحب الستين شاة إلا نصف سدس شاة ، لأنه إنما يرتفق بالخلطة فيما هو خليط به دون غيره ، يزكي عن المنفرد زكاة المنفرد ، وعن المختلط زكاة الخلطة ، فيقال لو كان منفردا بجميع ماله وهو ستون لكان عليه شاة ، فيكون عليه في الأربعين ثلثا شاة ، لأنها ثلثا الستين ، ولو كان خليطا بجميع ماله لكان عليه ثلاثة أرباع شاة ، لأنها ستون من جملة ثمانين ، فيكون عليه في العشرين التي هو خليط بها ربع شاة ، لأنها ربع الثمانين ثم يجمع الثلثين الواجبين في الأربعين إلى الربع الواجب في العشرين ، فيكون خمسة أسداس ونصف .

                                                                                                                                            [ ص: 151 ] والمذهب الرابع : أن على صاحب العشرين نصف شاة ، وعلى صاحب الستين ثلاثة أرباع شاة ، ليرتفق صاحب الستين بضم ماله الغائب إلى الحاضر ، إذ لا يجوز تفريقه ، ولا يرتفق صاحب العشرين إلا بمال الخلطة دون ما انفرد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية