الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما السيد فإن أوجبنا زكاة فطرها على الزوج ، وهو أن يكون حرا موسرا ممكنا

                                                                                                                                            فليس على السيد زكاة فطرها : لأن الفطرة تجب مرة والزوج يحملها فسقطت عن السيد ، وإن لم نوجب زكاة فطرها على الزوج ، فذلك على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون السيد مانعا منها غير ممكن للزوج من الاستمتاع بها فزكاة فطرها [ ص: 376 ] على السيد مع نفقتها : لأن السيد لما وجبت عليه نفقتها لمنع الزوج منها ، وجبت عليه زكاة فطرها : لأن الفطرة تبع للنفقة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون السيد غير مانع منها ممكنا للزوج من الاستمتاع بها ، وإنما سقطت عن الزوج زكاة فطرها إما لرقه أو إعساره ، فالذي نص عليه الشافعي هاهنا أن على السيد زكاة فطرها ، وقال في الحرة إذا أعسر الزوج بزكاة فطرها أنه لا يجب عليها إخراج زكاة الفطر عن نفسها ، لأنها مفروضة على غيرها فاختلف أصحابنا فكان أكثرهم ينقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى ، ويخرجها على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن على السيد أن يزكي عن أمته ، وعن الحرة أن تزكي عن نفسها .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه لا يلزم السيد أن يزكي عن أمته ، ولا يلزم الحرة أن تزكي عن نفسها ، وكان أبو إسحاق المروزي يحمل جواب كل واحدة من المسألتين على ظاهره ، فيقول : على السيد أن يزكي عن أمته ، وليس على الحرة أن تزكي عن نفسها .

                                                                                                                                            والفرق بينهما : أن الحرة مستحقة التسليم والتمكين بالعقد ، من غير أن يكون موقوفا على اختيارها ، وليس لها صنع في نقل فرض الزكاة إلى زوجها ، وإذا لم يكن وجوب الزكاة على الزوج باختيارها لم ينتقل وجوب الزكاة إليها ، وليس كذلك الأمة : لأن تسليمها غير مستحق على السيد ، وهو موقوف على اختياره فإن سلمها إلى من يخلفه في تحمل زكاتها سقطت عنه ، وإن سلمها إلى من لا يخلفه في تحملها لم تسقط عنه ، فلم يكن تطوعه بتسليمها سقطا لما وجب عليه من فرض زكاتها والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية