[ ص: 377 ] باب مكيلة زكاة الفطر
قال الشافعي رحمه الله تعالى : " أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر ( قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس ، صاعا من تمر أو صاعا من شعير الشافعي ) وبين في سنته صلى الله عليه وسلم أن زكاة الفطر من البقل مما يقتات الرجل وما فيه الزكاة " .
قال الماوردي : صحيح ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نص في زكاة الفطر على أشياه ، ففي حديث ابن عمر ( هذا التمر والشعير ) وفي حديث غيره ( الحنطة والزبيب ) فاعتبر الفقهاء ما ورد فيه النص فذهب الشافعي إلى أن المعتبر فيه كونه قوتا مدخرا : لأن ما نص عليه من التمر والزبيب والحنطة والشعير قوت مدخر ، وذهب أبو حنيفة إلى أن المعتبر فيه كونه مأكولا مكيلا ، حتى روى عنه يونس بن بكير أنه إن أخرج صاعا من إهليلج أجزأ : لأن ما ورد فيه النص مأكول مكيل ، وما ذهب إليه الشافعي أولى لأمرين :
أحدهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ، وإغناؤهم بالقوت أعم ، ونفعهم به أكثر : لأنه قد يكون في المأكول ما لا يغني عن القوت .
والثاني : أن ما يخرج زكاة الفطر منه مقابل لما تجب زكاة المال فيه فلما وجبت زكاة الأموال في الأقوات المدخرة دون سائر المأكولات ، اقتضى أن يجب إخراج زكاة الفطر من الأقوات المدخرة دون سائر المأكولات ، فإذا ثبت أن المعنى فيه كونه مدخرا قوتا ، فهو التمر والزبيب والبر والشعير والعلس والسلت والأرز واللوبيا والحمص والجلبان والعدس والجاورس والذرة ، فأما الباقلى فقد أحسبه يقتات فإن كان قوتا أجزأه ، إذا أدى منه صاعا والذي عليه أصحابنا أنه قوت تجب فيه زكاة المال ، ويجوز أن يخرج منه زكاة الفطر فأما قول الشافعي إن زكاة الفطر من البقل فيعني ما يبقى مدخرا : لأن أصل البقل ما يبقى من الشيء .