الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : فإن له أن يصوم حين يدخل في الحج ، وهو قول عمرو بن دينار " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهو كما قال : إذا كملت شروط التمتع الموجبة للدم فله حالان : حال يسار أو حال إعسار : فإن كان موسرا فعليه دم شاة تجب عليه بعد فراغه من العمرة ، وعند إحرامه بالحج ، فإذا أحرم بالحج لزمه الدم لأن الشرائط الموجبة للدم لا توجد إلا بعد إهلاله بالحج فإذا أراد أن يأتي بالدم فله أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : حال اختيار وهو أن يأتي به يوم النحر .

                                                                                                                                            والثاني : حال جواز وهو أن يأتي به بعد إحرامه بالحج ، وقبل يوم النحر فعندنا يجزيه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يجزيه إلا في يوم النحر تعلقا بقوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [ البقرة : 196 ] ، ومحل الهدي يوم النحر ، ولأنه إراقة دم هدي فوجب أن لا يجوز قبل يوم النحر قياسا على هدي البلوغ والأضاحي ، ودليلنا قوله تعالى : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] ، فعلمنا أن الهدي يلزمه أو يجوز له إذا تمتع بالعمرة إلى الحج ، وفي أيهما كان دليل على ما قلناه ، ولأنه جبران للتمتع فجاز أن يؤتى به قبل يوم النحر ، أصله الصوم ولأنه دم كفارة فجاز ، أن يؤتى به بعد وجوبه ، وقبل يوم النحر قياسا على كفارة الأذى ، وجزاء الصيد فأما قوله تعالى : حتى يبلغ الهدي محله ، فالمراد بالمحل الدم لا يوم النحر ، بدليل قوله تعالى : ثم محلها إلى البيت العتيق ، وأما قياسه على هدي التطوع ، والأضاحي فالمعنى فيه أنه لا بدل فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية