الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إن حلق من شعر رأسه أقل من ثلاث شعرات ، فهو مضمون عليه بالفدية ، [ ص: 115 ] وقال مجاهد : هو غير مضمون عليه وبه قال مالك في إحدى الروايتين عنه وقال : هذا خطأ : لأن كل جملة كان ممنوعا من إتلافها ، كان ممنوعا من إتلاف أبعاضها ، كالصيد ، إذا ثبت أنه ممنوع منه ثبت وجوب الفدية فيه ، وإذا كانت الفدية فيه واجبة ، ففيها ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : رواية الحميدي . عن الشافعي أن عليه في الشعرة الواحدة ثلث دم ، وفي الشعرتين ثلثي دم ، وفي الثلاث دما ، واختاره المروزي : لأن كل جملة وجب فيها دم ففي أبعاضها أبعاض ذلك الدم كالصيد .

                                                                                                                                            والقول الثاني : مخرج من الأم ، فيمن ترك حصاة ، أن عليه فيها درهما ، فكذلك عليه في الشعرة الواحدة درهم ، وفي الشعرتين درهمان ، وفي الثلاثة المجتمعة دم . وبه قال عطاء : لأنه أيسر على المكفر وأنفع للآخذ .

                                                                                                                                            والقول الثالث : وهو الصحيح . نص عليه في هذا الموضع والبويطي ، وعليه يقول سائر أصحابه : أن عليه في الشعرة الواحدة مدا من حنطة ، وفي الشعرتين مدين ، وفي الثلاثة المجتمعة دما ، لأن في تبعيض الدم مشقة تلحق الدافع ، وضررا يلحق الآخذ ، فوجب أن يعدل إلى غيره من جنس ، يجب في الكفارات ، وهو الإطعام وأقل الإطعام في الشرع مد ، فأوجباه . فعلى هذا القول لو حلق ثلاث شعرات في ثلاثة أوقات ففيها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : عليه ثلاثة أمداد ، اعتبارا بالآحاد .

                                                                                                                                            الثاني : عليه دم اعتبارا بالجملة ، وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قوليه في اللباس إذا تكرر ، هل يتداخل حكمه على هذين الوجهين لو حلق أربع شعرات في أربعة أوقات ؟ فأحد الوجهين ، عليه أربعة أمداد ، إذا روعي حكم الانفراد .

                                                                                                                                            والثاني : عليه دم إذا روي حكم الاجتماع وكذلك فيما زاد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية