مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإذا أصبح صلى الصبح في أول وقتها ثم يقف على قزح حتى يسفر قبل طلوع الشمس ، ثم يدفع إلى منى فإذا صار في بطن محسر حرك دابته قدر رمية حجر " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : بمزدلفة صلى الصبح في أول وقتها مع طلوع الفجر الثاني ، فقد روي عن إذا بات الإمام والناس معه ابن مسعود قال : " ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قبل وقتها ، إلا صلاة الصبح بجمع " يعني قبل وقتها الذي كان يصليها فيه من قبل : [ ص: 182 ] لأنه صلاها قبل طلوع الفجر ، ثم يركب بعد صلاة الصبح حتى يأتي قزح ، فيقف فيه مستقبل القبلة ، ويدعو سرا كما دعا بعرفة ، ويرفع يديه للدعاء قال الله تعالى : فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام [ البقرة : 198 ] ، فقيل : إن قزح هو المشعر ، وقيل : إنه الجبل الذي في ذيله المشعر ، والمشعر المعلم ، والمشاعر المعالم ، ومنه قوله تعالى : لا تحلوا شعائر الله [ المائدة : 2 ] ، أي : معالم الله ، وليس ذلك بنسك ، ولا دم على تاركه ، ثم لا يزال واقفا عند المشعر إلى أن يسفر الصبح ، فإذا أسفر ورأت الإبل مواقع أخفافها دفع إلى منى قبل طلوع الشمس ، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعا لأمره ، وروى ابن طاوس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرفة قبل أن تغيب الشمس ، ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس ، ويقولون أشرق ثبير كيما نغير ، فأخر الله هذه ، وقدم هذه " يعني : قدم كان أهل الجاهلية يدفعون من المزدلفة قبل طلوع الشمس ، وأخر عرفة إلى أن تغيب الشمس .
وروى محمد بن قيس عن المسور بن مخرمة ، قال : خطبنا " رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفات فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : وكانوا يدفعون من المشعر الحرام بعد أن تطلع الشمس إذا كانت على رؤوس الجبل كأنها عمائم الرجال على رؤوسها ، وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس ، يخالف هدينا هدي أهل الأوثان والشرك " ، فإن دفع منها بعد طلوع الشمس ، كان مخالفا للسنة ولا دم عليه ؛ لأنه ليس بنسك .