الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولا خير في التحري فيما في بعضه ببعض ربا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اختلف أصحابنا في مراد الشافعي بهذه المسألة : فذهب بعضهم إلى أنه أراد به مالكا ، حيث جوز بيع خل التمر بخل التمر إذا تحرى فيه خلال بصير بصنعته ، فأخبر أن ما في أحدهما من الماء مثل ما في الآخر .

                                                                                                                                            فرد عليه جواز التحري فيه ومنع من بيعه بكل حال : لأن التحري تخمين واليقين معدوم ، وتجويز التفاضل محظور .

                                                                                                                                            وقال آخرون ، منهم ابن أبي هريرة : أنه أراد به ردا على مالك في تجويزه لأهل البادية أن يتابعوا البر بالبر تحريا واجتهادا في التماثل من غير كيل ، وكذلك كل مكيل ، ومنعهم من التحري في الموزون : استدلالا بأن أهل البادية تعوزهم المكاييل ، فاضطروا إلى التحري والاجتهاد فيه ، كما جاز التحري في بيع العرايا من غير كيل للضرورة فيه .

                                                                                                                                            [ ص: 113 ] وهذا خطأ لمخالفة النص ومفارقة القياس .

                                                                                                                                            روى أبو الزبير عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الصبرة من الطعام بالصبرة ما لم يدر كيل هذه وكيل هذه " . وهذا نص .

                                                                                                                                            ولأن كل ما حرم فيه التفاضل لم يجز أن يدخله التحري في التماثل كأهل الحضر ، ولأن كل تحر في تماثل جنس يمنع منه أهل الحضر ، يمنع منه أهل البادية كالموزون . وأما الجواب عن استدلالهم بالضرورة عند فقد المكيال ففاسد بفقد الميزان الذي لا يستبيحون معه التحري في الموزون ، وخالف العرايا : لأن كيل ما على رءوس النخل غير ممكن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية