الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إن كان الماء متعذرا فلا يخلو حال تعذره من أحد أمرين :

                                                                                                                                            إما أن يكون لإعواز الماء أو لفساد آلته . فإن كان تعذر الماء لإعوازه سقط حكم السقي ، ثم لا يخلو حال الثمرة في تركها على النخل من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون تركها بغير سقي يضر بالنخل وبها ، فقطعها واجب ، ولرب النخل أن يجبر صاحب الثمرة على قطعها : لأن فيه مضرة بالنخل وليس فيه منفعة للثمرة . والحال الثانية : أن يكون تركها غير مضر بالنخل ولا بها ، فله ترك الثمرة إلى وقت جذاذها : لأنه لا مضرة على صاحب النخل في تركها . [ ص: 172 ] والحال الثالثة : أن يكون تركها مضرا بالثمرة دون النخل ، فصاحب الثمرة بالخيار في أخذ الثمرة أو تركها ، ولا يقال لصاحب النخل : لأنه لا ضرر عليه فيها .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : أن يكون تركها مضرا بالنخل دون الثمرة ، ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لرب الثمرة أن يقر الثمرة على النخل إلى وقت الجذاذ ، وإن ضر بنخل المشتري لما فيه من صلاح الثمرة ودخول المشتري معه على بصيرة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : على رب الثمرة أخذ ثمرته وللمشتري إجباره على قطعها ليزيل عنه ضرر تركها .

                                                                                                                                            فأما إن تعذر الماء لفساد الآلة ، أو لفساد المجاري ، أو لطم الآبار ، فأيهما لحقه بتأخير السقي ضرر كان له إصلاح ما يوصله إلى الماء .

                                                                                                                                            فإن كان ذلك مضرا بالنخل وجب على مشتري النخل أن يزيل الضرر عن نخله بسوق الماء إلى نخله ، ولا يجبر رب الثمرة على قطع ثمرته .

                                                                                                                                            وإن كان مضرا بالثمرة لزمه ذلك أو يقطعها .

                                                                                                                                            وإن كان مضرا بهما جميعا لزم ذلك صاحب النخل لما ذكرنا ، إلا أن يبادر إلى قطع ثمرته فيسقط عنه والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية