الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 212 ] فصل : [ القول في بيع المزابنة ]

                                                                                                                                            وأما المزابنة فهي بيع الرطب على نخله بتمر في الأرض ، والمزابنة في كلامهم المدافعة ، ولهذا سموا زبانية : لأنهم يدفعون أهل النار إلى النار ، وقالوا زبنت الناقة برجلها إذا دفعت قال الشاعر :


                                                                                                                                            ومستعجب مما يرى من أناتنا فلو زبنته الحرب لم يترمرم

                                                                                                                                            فسمي بيع الرطب بالتمر مزابنة : لأنه قد دفع التمر بالرطب ، وبيعه لا يجوز لعلة واحدة وهي حدوث الربا بعدم تماثله ، ويجوز بالدراهم لعدم هذه العلة ، ثم هكذا بيع العنب في كرمه بالزبيب لا يجوز ، وكذا بيع سائر الثمار في شجرها بجنسها يابسة ، لا يجوز .

                                                                                                                                            واختلف أصحابنا هل كان بيعها غير جائز لدخولها في اسم المزابنة أو قياسا عليها ، وهكذا اختلفوا في سائر الزروع هل منع من بيعها بجنسها لدخولها في المحاقلة أو قياسا عليها فأحد الوجهين ، وهو ظاهر مذهب الشافعي - رحمه الله - أن بيع ذلك لم يجز لدخول سائر الثمار في اسم المزابنة ، ودخول سائر الزروع في اسم المحاقلة ، وكان تحريمه نصا لا قياسا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو مذهب أبي علي بن أبي هريرة أن النص في المحاقلة والمزابنة مختص بالحنطة والنخل ، وسائر الزروع مقيسة على الحنطة في المحاقلة ، وسائر الثمار مقيسة على النخل في المزابنة ، فكان تحريمه قياسا لا نصا ، وأما المخابرة فهو استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها ، وله باب . فأما المعاومة فهو في معنى بيع السنين فسنذكره ، وأما بيع الثنيا فقد مضى ، وأما العرايا فتأتي . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية