الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن جميع ما حدث بيد المشتري من النماء المنفصل لا يلزمه رده ، وكان قد اشترى شاة حاملا فوضعت عنده ثم وجد بها عيبا أراد ردها به ، فإن كانت الولادة قد نقصتها لم يكن له الرد ، ورجع بالأرش ، وإن لم تنقصها الولادة ردها بالعيب ، وأما الولد فإن قيل : إن الحمل يأخذ قسطا من الثمن رده معها : لأن العقد قد كان تناولهما ، وإن قيل : إن الحمل بيع ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون للمشتري لا يلزمه رده معها : لأنه بعد الانفصال لا يكون تبعا

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يرده مع الأم : لأنه من جملتها حين كان العقد عليها ، ألا ترى لو كان عليها صوف حين اشتراها فجزه ثم ردها بعيب كان عليه رد ما جز من صوفها ، فلو كان قد اشترى [ ص: 246 ] شاة حايلا فحملت عنده ثم وجد بها عيبا أراد أن يردها به . فإن كان الحمل موكسا في ثمنها أو مخوفا عليها في ولادتها لم يكن له الرد ورجع بالأرش ، وإن لم يوكسها في ثمنها ولم يكن مخوفا عليها في ولادتها لم يكن له الرد ورجع بالأرش ، وإن لم توكس في ثمنها ولم يكن مخوفا عليها في ولادتها ردها حاملا ، فإذا وضعت ولدها ، فإن قيل : إن الحمل يكون تبعا كان الولد للبائع ولا يرجع به على المشتري ، فإن قيل : إن الحمل يأخذ قسطا من الثمن فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن البائع لا يرجع به على المشتري أيضا : لاتصاله بالأم عند الرد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو أقيس ، أن للمشتري أن يرجع به على البائع ، لحدوثه في ملكه ، وغيره في حكمه .

                                                                                                                                            وعلى هذا الوجه لو كان المشتري حبس الشاة المعيبة حتى تضع حملها لم يمنعه ذلك من الرد بالعيب : لأنه حبسها لأخذ ملكه منها ، وعلى الوجه الأول يمنعه ذلك من الرد بالعيب : لأنه حبسها ولا ملك له فيها ، والله أعلم .

                                                                                                                                            فرع : ذكر المزني في مسائله المنثورة أن رجلا لو اشترى غنما بعشرة أقساط من لبن وصوف إلى أجل معلوم ، فلم يتقاضاها حتى احتلب البائع منها عشرة أقساط من لبن ، ثم ماتت الغنم ، أن البيع يبطل ويسقط الثمن من ذمة المشتري ويأخذ من البائع ما احتلبت من اللبن ، وهذا صحيح : لأن تلف المبيع قبل القبض يبطل البيع ويوجب سقوط الثمن ، ولا يمنع من ملك النماء ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية