مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " فأيهما نكل عن اليمين وحلف صاحبه حكم له ، ( قال ) وإذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم وهما متصادقان على البيع ، ومختلفان في الثمن بنقض البيع ، ووجدنا الفائت في كل ما نقض فيه القائم منتقضا ، فعلى المشتري رده ، إن كان قائما أو قيمته إن كان فائتا ، كانت أقل من الثمن أو أكثر . ( قال المزني ) يقول : صارا في معنى من لم يتبايع فيأخذ البائع عبده قائما أو قيمته متلفا ( قال ) فرجع محمد بن الحسن إلى ما قلنا وخالف صاحبيه ، وقال : لا أعلم ما قالا إلا خلاف القياس والسنة ، ( قال ) والمعقول إذا تناقضاه والسلعة قائمة تناقضاه ، وهي فائتة ؛ لأن الحكم أن يفسخ العقد ، فقائم وفائت سواء .
قال الماوردي : إذا ثبت أن البداية في تحالفهما بيمين البائع على الصحيح من المذهب ، فقد اختلف أصحابنا : على وجهين : هل يحلف كل واحد منهما يمينا أو يمينين
أحدهما : وهو ظاهر نصه أنه يحلف يمينا واحدة تجمع النفي والإثبات : لأنه يقصد بيمينه تصديق قوله على عقد واحد فاحتاج إلى يمين واحدة .
والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج أن كل واحد منهما يحلف يمينين : يمينا أولى للنفي ، ويمينا ثانية للإثبات كالمتداعيين دارا في أيديهما إذا تحالفا عليها حلف كل واحد منهما يمينين : لأنه لا يجوز أن يكون . فإذا قيل بالوجه الأول أن كل واحد منهما يحلف يمينا واحدة ، فقد اختلف أصحابنا في صفتها يمين الإثبات للمدعي قبل نكول المدعى عليه . على ثلاثة أوجه : هل يتقدم الإثبات فيها على النفي أو النفي على الإثبات
أحدها : وهو قول أبي سعيد الإصطخري ، أنه يبدأ في يمينه بالإثبات ثم بالنفي فيقول [ ص: 302 ] البائع : والله لقد بعت هذا العبد بألف ولم أبعه بخمسمائة ، ويقول المشتري : والله لقد اشتريت هذا العبد بخمسمائة ولم أشتره بألف . قال : ولأن المقصود بهذه اليمين الإثبات والنفي تبع ، فوجب أن يبدأ بالمقصود قبل التبع ، كما أن اليمين في اللعان يبدأ فيها بالإثبات قبل النفي .
والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه أنه يبدأ بالنفي ثم الإثبات ، فيقول البائع : والله ما بعتك هذا العبد بخمسمائة ولقد بعتك بألف ، ثم يقول المشتري : والله ما اشتريته بألف ولقد اشتريته بخمسمائة ؛ لأن كل واحد منهما يتنزل في إحلافه منزلة المدعى عليه ، ثم يصير بمنزلة المدعي ، فاقتضى أن يكون أول يمينه النفي اعتبارا بحكم المدعى عليه ، وآخر يمينه الإثبات اعتبارا بحكم المدعي .
والوجه الثالث : وهو قول بعض البصريين ، أن البائع يحلف فيقول : والله ما بعت هذا العبد إلا بألف . ويحلف المشتري فيقول : والله ما اشتريته إلا بخمسمائة . قال : لأن هذا أسرع إلى فصل القضاء ، وقد قيل في تأويل قوله تعالى وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب [ ص : 20 ] . إنه سرعة القضاء . فهذا اختلاف أصحابنا في صفة يمينه إذا قيل إن لكل واحد منهما أن يحلف يمينا واحدة .
فأما إذا قيل بالوجه الثاني . إن حظ كل واحد منهما أن يحلف يمينين ، فلا خلاف بينهم أنه فيقول البائع : والله ما بعتك هذا العبد بخمسمائة ، ويقول المشتري : والله ما اشتريت منك هذا العبد بألف . ثم يحلف البائع ثانية فيقول : والله لقد بعتك هذا العبد بألف . ويقول المشتري : والله لقد اشتريت منك هذا العبد بخمسمائة . يبدأ في اليمين الأولى بالنفي ، وفي اليمين الثانية بالإثبات ،
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من صفة أيمانهما فينبغي للحاكم إذا حلف أحدهما أن لا يحلف الآخر إلا بعد أن يعرض المبيع عليه بما حلف عليه صاحبه ، فإن رضي بقوله لم يحلف وإن لم يرض أحلفه ، فإن بدأ بإحلاف البائع قال : للمشتري أترضى أن تقبله بالألف التي حلف البائع عليها ، فإن قال : نعم ، لم يحلف ، وإن قال : لا ، أحلفه ، ولو بدأ الحاكم بإحلاف المشتري ، قال للبائع : أترضى أن تمضي البيع بالخمسمائة التي حلف عليها المشتري ، فإن قال : نعم ، لم يحلفه ، وإن قال : لا ، أحلفه ، ولو قلنا : إنه يحلف كل واحد منهما يمينين ، فأحلف البائع يمينا أحلف المشتري بعده يمينا من غير أن يعرض عليه قبول المبيع ، فإذا عاد البائع فحلف بالله يمينا حينئذ عرض المبيع على المشتري قبل يمينه الثانية . وإنما كان كذلك : لأن عرض ذلك على المشتري إنما يكون بعد يمين البائع على إثبات ما ادعى ، ويمينه الأولى للنفي لا للإثبات . فإذا تقرر هذا فلهما ثلاثة أحوال :
حال يحلفان معا ، وحال ينكلان معا ، وحال يحلف أحدهما وينكل الآخر . فإن نكلا معا تركهما ولم يحكم بقول واحد منهما ، وقطع الخصومة بينهما ، وإن حكم للحالف منهما على الناكل ، فإذا كان الحالف منهما هو البائع ألزم المشتري دفع ما حلف عليه البائع من الثمن ، ومتى قلنا على كل واحد منهما يمينين فحلف أحدهما يمينين وحلف الآخر يمينا واحدة ، كان كالناكل وقضى عليه . حلف أحدهما ونكل [ ص: 303 ] الآخر
فأما إذا حلفا جميعا فقد اختلف أصحابنا ، على وجهين : هل ينفسخ البيع بينهما بنفس التحالف أو بفسخ وقع بينهما بعد التحالف ؟
أحدهما : أن الفسخ قد وقع بنفس التحالف كالفسخ بين المتلاعنين : لقوله صلى الله عليه وسلم : تحالفا وترادا فعلى هذا لو لم يجز إلا باستئناف عقد ، وكذا لو أراد البائع أن يبذله بما قال المشتري لم يجز إلا باستئناف عقد . أراد المشتري بعد التحالف أن يقبله بما قال البائع
والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه : أن الفسخ لا يقع بينهما بنفس التحالف حتى يوقع الفسخ بينهما بعد التحالف : لأن كل واحد منهما يقصد بيمينه إثبات الملك ، فلم يجز أن تكون موجبة لفسخ الملك : لأنهما ضدان ، فعلى هذا فيه وجهان : أحدهما : أن الفسخ يكون إلى كل واحد من المتبايعين ، فأيهما فسخ صح اعتبارا بفسخ العيوب التي تكون موقوفة على المتعاقدين دون غيرها . بماذا يكون الفسخ بعد التحالف ؟
والوجه الثاني : أن الفسخ لا يقع إلا بفسخ الحاكم كما في الفسخ بالعنة وعيوب الزوجين : لأنها عن اجتهاد ، فعلى هذا لو فسخه المتبايعان لم ينفسخ حتى يفسخه عليهما الحاكم ، ولا يجوز للحاكم أن يفسخه بعد تحالفهما إلا عن مسألتهما بعد عرض ذلك على كل واحد منهما ، كما يعرضه على الثاني بعد يمين الأول ، ثم يفسخه بينهما حينئذ ، فلو تراضيا بعد تحالفهما وقبل فسخه ، حل البيع بقول أحدهما وصح العقد .
فصل : فإذا انفسخ بينهما بالتحالف أو بإيقاع الفسخ بعد التحالف ، فقد اختلف أصحابنا على ثلاثة أوجه : هل يقع الفسخ ظاهرا وباطنا ، أو يقع في الظاهر دون الباطن ،
أحدها : أن الفسخ قد وقع ظاهرا وباطنا ، سواء كان البائع ظالما أو مظلوما ، كالفسخ باللعان وكالفسخ عند تحالف الزوجين في نكاح الولي ، فإن ذلك يقع ظاهرا وباطنا كذلك في البيع ؛ فعلى هذا إذا عادت السلعة إلى البائع كان له أن يتصرف فيها بما شاء من أنواع التصرف ، كما يفعل في سائر أمواله ، وإن كانت جارية جاز أن يطأها .
والوجه الثاني : أن الفسخ يقع في الظاهر دون الباطن ، سواء كان البائع ظالما أو مظلوما : لأنهما يتفقان مع الاختلاف على صحة العقد وانتقال الملك ، وحكم الحاكم لا يحيل الأمور عما هي عليه في الباطن : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما أحكم بالظاهر ويتولى الله السرائر " .
[ ص: 304 ] فعلى هذا إذا عاد المبيع إلى البائع قيل له : إن كنت تعلم فيما بينك وبين الله أنك كاذب ، وإن المشتري صادق فليس لك أن تتصرف في المبيع بوجه : لأنه ملك لغيرك ، وأنت غير ممنوع من ثمنه ، فإن تصرفت فيه كنت كمن تصرف في مال غيره متعديا ، وإن كنت تعلم أنك صادق وأن المشتري كاذب ، فالمبيع للمشتري وأنت ممنوع من ثمنه ، فليس لك أن تطأ إن كان المبيع جارية ، وأن لا تهب ، وتكون كمن له مال على غيره لا يقدر على أخذه منه ، وظفر بشيء من ماله فتبيع السلعة لتصل إلى حقك من ثمنها . وفي المتولي لبيعها وجهان :
أحدهما : يكون هو المتولي لبيعها .
والثاني : تولاه الحاكم ، فإذا بيعت فإن كان الثمن بقدر حقك فلك أخذ حقك ، وإن كان أكثر من حقك فعليك رد الباقي ، وإن كان الثمن أقل من حقك فالباقي دين لك في ذمة المشتري .
والوجه الثالث : أنه وقع الفسخ في الظاهر والباطن ، وقد أشار إلى هذا الوجه إن كان البائع مظلوما والمشتري ظالما ، أبو إسحاق المروزي تعلقا بأن الملك للمشتري بالعقد ، وإن كان البائع مظلوما لم ينتقل ملكه : لأنه تعذر عليه أخذ الثمن ووجد عين ماله ، فجاز له أن يفسخ ويأخذ عين ماله ، وإن كان المشتري ظالما صار بالظلم مانعا من ثمنها ، فصار أسوأ حالا من المفلس الذي يزال ملكه بالإفلاس لتعذر الثمن ، فكذلك هذا يزال ملكه بالظلم لتعذر الوصول إلى الثمن ، فعلى هذا إن كان البائع مظلوما فقد وقع الفسخ ظاهرا وباطنا ، وجاز للبائع إذا عادت السلعة إليه أن يتصرف كيف شاء ، فإن كانت جارية جاز له أن يطأها ، وإن كان البائع ظالما أوقع الفسخ في الظاهر دون الباطن ، ولم يكن له أن يتصرف فيها بوجه : لأنها ملك لآخر ، وهو غير ممنوع من حقه .
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من حال الفسخ بالتحالف أو بعد التحالف ، وهذا ما أعوزت البينة . فأما مع البينة فلا تحالف والحكم بها أولى ، فإن فقد تعارضتا ، وفيها قولان على ما نذكره من تعارض البينتين في العقود : أقام كل واحد منهما بينة
أحدهما : إسقاط البينتين والتحالف .
والثاني : الإقراع بينهما . وإذا وقع الفسخ وجب رد السلعة على بائعها ، سواء قيل : إن الفسخ قد وقع ظاهرا وباطنا أو قد وقع في الظاهر دون الباطن . فإن كانت السلعة تالفة فلا يخلو حالها من أحد أمرين : إما أن تكون مما لها مثل ، أو مما لا مثل لها . فإن كانت مما لا مثل لها وجب رد قيمتها . وفي وجهان : اعتبار أزمان القيمة
أحدهما : وقت التلف .
والثاني : أكثر مما كانت قيمته من وقت القبض إلى وقت التلف . فإن اختلفا في قدر [ ص: 305 ] القيمة ، فالقول قول المشتري مع يمينه اعتبارا ببراءة ذمته ، وسواء كانت القيمة أكثر مما ادعاه البائع أو أقل لبطلان ما ادعاه واستحقاق المبيع ، وإن كانت السلعة المبيعة مما له مثل كالحنطة والشعير ففيه وجهان :
أحدهما : عليه رد مثله كالمغصوب .
والثاني : وهو أصح أن عليه غرم قيمته : لأنه لم يضمنه وقت القبض بالمثل ، وإنما ضمنه بالعوض دون المثل بخلاف الغصب .
فصل : فأما فكله على ملك المشتري ، لا يلزمه رد شيء منه على البائع : لأنه كان ملكا له حين استغله ، وإنما زال ملكه عنه بما حدث من الفسخ ، وكذا لو كانت أمة فوطؤها لم يلزمه إذا تحالفا أن يرد المهر ، إلا أن تكون بكرا فتصير بوطئه ثيبا فيلزمه للبائع أرش بكارتها ، ولو كان قد أحبلها صارت أم ولد ، ولا يمنع ذلك من التحالف كما لو أعتق ، ولكن إذا تفاسخا بالتحالف رجع عليه بقيمتها . إذا أولد أو أعتق ، وكذلك لو كان باعها لم ينفسخ بيعه ووجب عليه قيمتها . ولو كان قد أجر ما ابتاعه أو كانت أمة فتزوجها ثم تحالفا وتفاسخا ، لم تبطل الإجارة ولا النكاح : لأنه عقد تولاه مالك حين العقد والأجرة ، والمهر ملك للمشتري لاستحقاق ذلك بالعقد الذي كان في ملكه ، لكن للبائع أن يرجع على المشتري في الأمة فيما بين قيمتها خالية وذات زوج ، وفي المؤاجر فيما بين قيمته مطلقا أو مؤاجرا ، فلو كان المشتري قد رهنه فتحالفا أو تفاسخا جاز ولم ينفسخ الرهن ، وهل له أن يؤاخذ المشتري بفكاكه قبل محله أم لا على وجهين ، كمن أذن لغيره في رهن عبده ، فلو بيع في الرهن ضمن المشتري قيمته للبائع ، وإن افتكه منه رده على بائعه وبرئ من ضمانه . ما أخذه المشتري من المبيع قبل الفسخ من غلة أو ثمرة أو نتاج ،
وإذا فلا حكم لهذه اليمين في فسخ البيع . وإذا تحالفا بالله تعالى وعاد العبد إلى البائع بالفسخ عتق عليه لإقراره أنه عتق على المشتري بحنثه ، ولو قبله المشتري بما قاله البائع بعد ثمنه أو قبلها أعتق على المشتري : لأنه قد أحنث نفسه بتصديق البائع ، ولو سلمه البائع إلى المشتري بما قال قبل يمينه أو بعدها لم يعتق العبد على واحد منهما : أما المشتري فلأنه مصدق على ما حلف ، وأما البائع فلأنه غير مالك لما حنث بعتقه ، فإن رد العبد عليه بعيب عتق عليه حينئذ بحنثه . وإذا ابتاع عبدا واختلفا في ثمنه وحلف كل واحد من البائع والمشتري على دعواه بعتقه فهل يكون التحالف للبائع والوكيل أو الموكل ؟ على وجهين : ابتاع الوكيل لموكله عبدا ثم اختلف الوكيل والبائع في ثمنه ،
أحدهما : أن الوكيل هو الذي يحلف : لأنه المتولي للعقد ، وإن نكل الوكيل عن اليمين صار البيع لازما له دون موكله .
والوجه الثاني : أن الموكل هو الذي يحلف : لأن أحدا لا يملك شيئا بيمين غيره وإن [ ص: 306 ] نكل الموكل عن اليمين فالبيع لازم له دون الوكيل ، ولو : كان الوكيل قد باع لموكله عبدا ثم أحلف الوكيل والمشتري في ثمنه
فأحد الوجهين : أن الموكل يحالف المشتري .
والثاني : أن الوكيل يحالف المشتري ، فإن نكل الوكيل عن اليمين قضي للمشتري بالعبد ، وألزم الوكيل غرم فاضل الثمن .
فصل : وإذا فلا تحالف في هذا الاختلاف : لأنه اختلاف في عقدين ، وإنما يكون التحالف للاختلاف في عقد واحد . اختلف المتبايعان ، فقال البائع : بعتك هذا العبد بألف . وقال المشتري : بل بعتني هذه الجارية بألف ،
وإذا كان كذلك : فالبائع يدعي على المشتري أنه باعه عبده بألف ، والمشتري منكر ، فالقول قول المشتري مع يمينه ولا يلزمه شراء العبد ، ثم المشتري يدعي على البائع أنه اشترى منه جاريته بألف والبائع منكر ، فالقول قول البائع مع يمينه ولا يلزمه بيع الجارية ، فلو حكمنا بالبينتين جميعا : لأنهما لا يتعارضان ، لأن كل واحد منهما يثبت عقدا لا يقتضي نفي غيره ؛ فيصير المشتري ملتزما لابتياع الجارية التي ادعاها بألف ، وله أن يتصرف فيها كيف يشاء ، وملتزما لابتياع العبد الذي ادعى عليه بألف ، ثم ينظر في العبد فإن كان في يد المشتري فهو على ملكه وله التصرف فيه بما شاء من بيع وغيره إلا الوطء ، إذا لو كان العبد جارية يحرم عليه لإقراره بتحريم ذلك عليه وعليه النفقة ، وإن أقام البائع البينة على المشتري أنه اشترى منه العبد بألف ، وأقام المشتري البينة على البائع أنه باع عليه الجارية بألف على وجهين : كان العبد في يد البائع فهل يجبر المشتري على قبضه أم لا ؟
أحدهما : يجبر على قبضه ليسقط ضمانه عن بائعه .
والثاني : لا يجبر على قبضه ويقبضه الحاكم ليبرئ البائع عن ضمانه ، ثم للحاكم أن يفعل أحظ الأمرين من بيعه ووضع ثمنه في بيت المال ليعترف به المشتري فيأخذه أو يؤاجره أو يأذن له في الكسب وينفق عليه من أجرته أو كسبه ، ثم يكون فاضل أجرته وكسبه في بيت المال ، ليعترف به المشتري فيأخذه مع فاضل كسبه وأجرته ، وإذا اختلفا فقال البائع بعتك هذا العبد بهذه الألف بعينها . وقال المشتري : الذي اشتريته بهذه الألف بعينها هذه الجارية دون هذا العبد . فهذا اختلاف في عقد واحد ، وليس كالذي قبله : لأنهما قد اتفقا على الثمن ، وإن اختلفا في المثمن فيكون كاتفاقهما على المثمن واختلافهما في الثمن ، فيتحالفان كما يتحالفان هناك ؛ والله تعالى أعلم .