قال الماوردي : وهذا صحيح . روى الشافعي ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول صلى الله عليه وسلم قال : لا تناجشوا .
: هو الإثارة للشيء ، ولهذا قيل للصياد : النجاش ، والناجش لإثارته للصيد ، وكذا قيل لطالب الشيء نجاش ، فالطلب نجش . فأصل النجش
وقال الشاعر :
فما لها الليلة من إنفاش غير السرى وسائق نجاش
[ ص: 343 ] أن يحضر الرجل السوق فيرى السلعة تباع لمن يزيد ، فيزيد في ثمنها وهو لا يرغب في ابتياعها : ليقتدي به الراغب فيزيد لزيادته ظنا منه أن تلك الزيادة لرخص السلعة اغترارا به . فهذا خديعة محرمة . وقد قال صلى الله عليه وسلم : وحقيقة النجش المنهي عنه في البيع " المكر والخديعة وصاحبهما في النار " .وقال صلى الله عليه وسلم : " لا خلابة في الإسلام " أي : لا خديعة .
فإذا ثبت أن حرام فالبيع لا يبطل : لأن المشتري وإن اقتدى به فقد زاد باختياره ، فإن علم المشتري بحال الناجش من غروره ، وأراد فسخ البيع به ، نظر في حال الناجش فإن كان قد نجش وزاد من قبل نفسه من غير أن يكون البائع قد نصبه للزيادة ، كان الناجش هو العاصي والبيع لازم للمشتري ، ولا خيار له في فسخه : لأنه لم يكن من البائع تدليس في بيعه . النجش
ففي خيار المشتري وجهان : وإن كان البائع قد نصب الناجش للزيادة ،
أحدهما : له الخيار : لأن ذلك تدليس من البائع .
والثاني : لا خيار له : لأن الزيادة زادها عن اختياره . والله أعلم .