الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رحمه الله : " فإن قال خذها قراضا ، أو مضاربة على ما شرط فلان من الربح لفلان فإن علما ذلك فجائز وإن جهلاه ، أو أحدهما ففاسد " .

                                                                                                                                            [ ص: 345 ] قال الماوردي : وهذا كما قال .

                                                                                                                                            إذا دفع المال قراضا من غير أن يسمي في الربح قدرا وجعله محمولا على مثل ما قارض به زيد عمرا فإن علما ما تقارض زيد وعمرو عليه صح قراضهما ؛ لأنهما عقداه بمعلوم من الربح ، إذ لا فرق بين قوله على أن الربح بيننا نصفين وبين قوله على مثل ما قارض به زيد عمرا ، وقد علما أنهما تقارضا على أن الربح بينهما نصفين فلذلك صح القراض في الحالين . وإن جهلا ما قارض به زيد عمرا كان القراض باطلا لجهلهما بقدره ، والجهالة بقدر الربح مبطلة للقراض .

                                                                                                                                            فإن علما بعد ذلك ما تقارض عليه زيد وعمرو لم يصح لوقوعه فاسدا .

                                                                                                                                            وهكذا لو علمه أحدهما حال العقد وجهله الآخر لم يصح القراض ؛ لأن جهل أحد المتعاقدين بالعوض كجهلهما معا به .

                                                                                                                                            فلو قال خذه قراضا على ما يقارض به زيد وعمرو كان باطلا ؛ لأن زيدا قد يقارض عمرا ، وقد لا يقارضه ، وقد يقارضه على قليل ، أو كثير .

                                                                                                                                            وهكذا لو قال : خذه قراضا على ما يوافقك عليه زيد لم يجز للجهل بما يكون من موافقته .

                                                                                                                                            وهكذا لو قال خذه قراضا على أن لك من الربح ما يكفيك ، أو يقنعك لم يجز للجهل بكفايته وقناعته .

                                                                                                                                            فإن اشترى وباع في هذه المسائل كلها صح بيعه وشراؤه ، وكان جميع الربح والخسران لرب المال وعليه ، وللعامل أجرة المثل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية