الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإذا قال : تصدقت بداري على قوم أو رجل معروف حي يوم تصدق عليه وقال : صدقة محرمة ، أو قال : موقوفة ، أو قال : صدقة مسبلة فقد خرجت من ملكه فلا تعود ميراثا أبدا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال . ألفاظ الوقف ستة : تصدقت ووقفت وحبست : لأن التصدق يحتمل الوقف ويحتمل صدقة التمليك المتطوع بها ويحتمل الصدقة المفروضة ، فإذا قرنه بقرينة تدل على الوقف انصرف إلى الوقف وانقطع الاحتمال ، والقرينة أن يقول : تصدقت صدقة موقوفة ، أو محبسة ، أو مسبلة ، أو محرمة ، أو مؤبدة ، أو يقول : صدقة لا تباع ، ولا توهب ، ولا تورث : لأن هذه كلها تصرف إلى الوقف ، وكذلك إذا نوى الوقف انصرف إلى الوقف فيما بينه وبين الله تعالى لا يصير وقفا من الحكم ، فإذا أقر بأنه نوى الوقف صار وقفا في الحكم حينئذ كما قال : أنت حل ونوى الطلاق وقع فيما بينه وبين الله تعالى ، فإذا أقرت بالنية وقع الطلاق في الحكم ، فأما إذا قال : وقفت ، كان ذلك صريحا فيه : لأن الشرع قد ورد بها حيث قال لعمر : حبس الأصل وسبل الثمرة وعرف الشرع بمنزلة عرف العادة ، فأما إذا قال : حرمت وبدت ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنهما كنايتان : لأنه ما ورد بهما : لأنهما لا يستعملان إلا في الوقف ، ولا يحتملان شيئا آخر ، فإذا قلنا : إنهما صريحان فيه ، فالحاكم على ما ذكرنا ، وإذا قلنا : كنايتان ، فلا بد من القرينة أو النية على ما ذكرنا فيما هو كناية من ألفاظه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            [ ص: 519 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية