الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وسواء قليل اللقطة وكثيرها ، فيقول من ذهبت له دنانير إن كانت دنانير ، ومن ذهبت له دراهم إن كانت دراهم ، ومن ذهب له كذا ، ولا يصفها فينازع في صفتها ، أو يقول جملة إن في يدي لقطة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وجملة ذلك أن اللقطة على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما كان له قيمة وإذا ضاع من مالكه طلبه كالدينار والدرهم ، فهذا يجب تعريفه على واجده .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ما كان تافها حقيرا لا قيمة له كالتمرة والجوزة ، فهذا لا يجب تعريفه ، فقد روي أن عمر - رضي الله عنه - سمع رجلا يعرف في الطواف زبيبة ، فقال : إن من الورع ما يمقته الله ، وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحسن تمرة وجدها وقال : لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لتركتها .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ما كان له قيمة إلا أنه لا تتبعه نفس صاحبه ولا يطلبه إن ضاع منه ، كالرغيف والدانق من الفضة ، فقد اختلف أصحابنا في وجوب تعريفه على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يجب لكونه ذا قيمة ، والثاني لا يجب لكونه غير مطلوب ، ثم ما وجب تعريفه من قليل ذلك أو كثيره عرفه حولا كاملا ، لا يجز به أقل من ذلك في القليل ، ولا يلزمه أكثر منه في الكثير . وقال الحسن بن صالح : تعريف الحول يلزم في عشرة دراهم فصاعدا ، وما دون العشرة يعرفه ثلاثة أيام . قال إسحاق بن راهويه : ما دون الدينار يعرفه جمعة . وقال سفيان الثوري في الدرهم : يعرفه أربعة أيام ، وهذا غير صحيح لقوله - صلى الله عليه وسلم - : عرفها حولا ، ولم يفرق بين القليل والكثير ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا وجد سوطا أن يعرفه حولا ، فأما صفة التعريف فقد مضى الكلام فيها ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية