الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن كان موليا عليه لسفه أو صغر ، ضمها القاضي إلى وليه وفعل فيها ما يفعل الملتقط " .

                                                                                                                                            [ ص: 17 ] قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا وجد اللقطة محجور عليه بسفه أو صغر أو جنون ، لم يجز إقرارها في يده : لأنه منعه الحجر من التصرف في مال نفسه ، فأولى أن يمنعه من التصرف في مال غيره .

                                                                                                                                            وعلى الولي أن يأخذها من يده ليقوم بتعريفها حولا ، فإن جاء صاحبها دفعها الولي إليه ، وإن لم يجئ صاحبها فللولي أن يفعل بها أحظ الأمرين للمولي عليه من تملكها له أو تركها أمانة لصاحبها ، فإن رأى أن يتملكها له جاز : لأنها كسب له بوجوده لها وليست كسبا لوليه ، فإن كان المولي عليه صغيرا أو مجنونا ، كان الولي هو الذي يتملكها له : لأن الصبي والمجنون لا يصح منهما قبول تملك ، ولذلك لم يصح منهما قبول وصية ولا هبة ، وإن كان سفيها كان هو الممتلك لها عن إذن الولي بعد اجتهاده في أن أحظ الأمرين هو التملك : لأن السفيه لا يمنع من قبول الوصية والهبة ، بخلاف الصبي والمجنون ، ثم إذا جاء صاحبها فغرمها في مال المولي عليه لدخولها في ملك المولي عليه دون الولي ، وإن رأى الولي أن أحظ الأمرين للمولي عليه أن تكون أمانة لصاحبها ، لا يكون غرمها مستحقا في مال المولي عليه ، وكانت على حالها أمانة مقرة في يد الولي ، فلو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو فك الحجر عن السفيه فأراد أن يتملكها وينزعها من وليه بعد أن نوى الأمانة فيها ، كان ذلك للمولي عليه لأنها من اكتسابه وهو الآن أقوم بمصالحه ، فهذا حكمها إن أخذها الولي من المولي عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية