الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولا يرزقهم الإمام وهو يجد متطوعا فإن لم يجد متطوعا فلا بأس أن يرزق مؤذنا "

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما إذا وجد الإمام ثقة يتطوع بالأذان بصيرا بالأوقات لم يجز أن يعطيه ، ولا لغيره أجرة لرواية مطرف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص أنه قال : يا [ ص: 60 ] رسول الله ، اجعلني إمام قومي فقال : " أنت إمامهم فاقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ولأن ما بيد الإمام مرصد لوجوه المصالح الماسة ، فإن لم يجد متطوعا بالأذان فلا بأس أن يعطي عليه رزقا ، ومنع أبو حنيفة منه ، ومن سائر القرب أن يؤخذ رزق عليها ، والكلام معه يأتي في موضعه من كتاب " الحج " غير أن من الدليل على حسب ما يقتضيه ها هنا ما روي أن عثمان - رضي الله عنه - رزق مؤذنه ، ولأن ما بيد الإمام مصروف في وجوه المصالح ، وهذا منها ، وإذا كان كذلك فلا يجوز أن يعطي المؤذن أجرة ، وإنما يجوز أن يعطيه رزقا ، لأن أعمال القرب تنقسم ثلاثة أقسام ، قسم لا يجوز أن يفعل عن الغير ولا يعود عليه نفعه : كالصلاة ، والصيام ، فلا يجوز أن يؤخذ عليها أجرة ، وقسم يجوز أن يفعل عن الغير ، كالحج فيجوز أخذ الأجرة عليه بعقد الإجارة ، وقسم لا يجوز أن يفعل عن الغير لكن قد يعود نفعه على الغير ، كالأذان ، أو الإقامة ، والقضاء ، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه ، ويجوز أخذ الرزق عليه ، كالجهاد - والله أعلم -

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية