الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ( ولو قال ) مثل نصيب أحد ورثتي أعطيته مثل أقلهم نصيبا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأن الوصايا لا يستحق فيها إلا اليقين ، والأقل يقين ، والزيادة عليه شك ، فإن كان سهم الزوجة أقل ، أعطيته مثل سهام الزوجة ، وإن كان نصيب غيرها أقل من البنات أو بنات الابن أعطيته مثله .

                                                                                                                                            واعتبار ذلك باعتبار سهام كل واحد من الورثة من أصل فريضتهم ، فتجعل للموصى له مثل سهام أقلهم ، وتضمه إلى أصل الفريضة ، ثم تقسم المال بين الموصى له والورثة ، على ما اجتمع معك من العددين ، وقد بيناه .

                                                                                                                                            ولو وصى بمثل نصيب أكثرهم نصيبا ، اعتبرته ، وزدته على سهام الفريضة ، ثم قسمت ما اجتمع من العددين على ما وصفنا .

                                                                                                                                            فعلى هذا لو اختلف الورثة فقال بعضهم : أراد مثل أقلنا نصيبا ، وقال بعضهم : بل أراد مثل أكثرنا نصيبا ، أعطيته من نصيب كل واحد من الفريقين حصته مما اعترف به . ومثاله : أن يكون الورثة ابنين وبنتين ، فيقول الابنان : وصى لك بمثل نصيب ذكر ، وتقول البنتان : وصى لك بمثل نصيب أنثى .

                                                                                                                                            فوجه العمل أن يقال : لو أراد ذكرا لكان المال مقسوما على ثمانية أسهم فريضة ثلاثة بنين ، وبنتين ، فيكون لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم ، وللموصى له بمثل نصيب الذكر سهمان . وإن أراد أنثى كان المال مقسوما على سبعة أسهم فريضة ذكرين وثلاث بنات ، فيكون لكل ابن سهمان ، ولكل بنت سهم ، وللموصى له بمثل نصيب أنثى سهم . فاضرب سبعة في ثمانية ، تكن ستة وخمسين ، للبنتين سبعاها : ستة عشر سهما ، [ ص: 203 ] وللموصى له على أن له مثل نصيب أنثى : السبع ثمانية أسهم ، وعلى أن له مثل نصيب ذكر الربع ، أربعة عشر سهما ، فيكون له اثنا عشر وللابنين لو لم يعترفا له بمثل نصيب ذكر أربعة أسباع المال اثنان وثلاثون سهما ، ولهما عند اعترافهما له بنصيب ذكر أربعة أثمان المال ثمانية وعشرون سهما .

                                                                                                                                            فيرد الابنان ما بين نصيبهما وهو أربعة أسهم على الموصى له ليأخذه مع ما حصل له من الأسهم الثمانية ، فيصير له اثنا عشر سهما ، وللبنتين ستة عشر سهما ، وللابنين ثمانية وعشرون سهما ويرجع بالاختصار إلى نصفها . . . ثم على هذا القياس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية