الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان رب المال بدويا فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون في حلة قاطنا بمكانها لا يظعن عنها شتاء ولا صيفا ، فهي كالبلد وجميعها جيران ، سواء صغرت أو كبرت لأنها لا تبلغ ، وإن كبرت مبلغ كبار الأمصار فيخص منهم أقاربه ، فإن عدل عنهم إلى الأجانب أجزأ ولا يكون من فارق الحلة جارا ، وإن كان على مسافة أقل من يوم وليلة : لأن ذلك جار للحلة والواحد من الحلة جيرانه أهل الحلة ، فبان الفرق بينهما .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون في حلة ينجع الكلأ ويظعن لطلب الماء والمرعى فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            [ ص: 532 ] أحدهما : أن تكون الحلة مجتمعة لا ينفصل بعضها عن بعض فجميع أهلها جيرانه كبرت أم صغرت .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون متفرقة كتميز كل جماعة منهم عن غيرهم ، إما لتميزهم في الأنساب وإما لتميزهم في الأسباب ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يختلفوا في الرحيل والنزول ، فيكون جيرانه من الحلة من يرحل برحيله وينزل بنزوله ولا تكون الفرقة التي تخالفه في الرحيل والنزول جيرانا له .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يتفقوا في الرحيل والنزول ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن جميع الحلة من الفرق كلها جيران له اعتبارا باتفاقهم في النجعة وإن تفرقوا في البقعة كما يتفرق أهل الأمصار في محالهم ويكونوا جيرة إذا جمعهم المصر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن جيرانه منهم من هو في بقعته دون من فارقه اعتبارا بالمكان فعلى الوجه الأول إن عدل بزكاته إلى غير طائفته من فرق الحلة لم يكن ناقلا لها ، وعلى الوجه الثاني يكون ناقلا لها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية