فصل : فأما وقال إذا كان جيرانه أجانب وأقاربه أباعد ، فجيرانه الأجانب أولى بزكاته من أقاربه الأباعد ، أبو حنيفة : أقاربه الأباعد أولى من جيرانه الأجانب : لقوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يقبل الله صدقة امرئ وذو رحمه محتاج ، ولأن اجتماعهم في النسب صفة لازمة واجتماعهم في [ ص: 533 ] الجوار صفة زائلة ، ولأن النفقة لما وجبت بالنسب دون الجوار كان النسب في الزكاة أولى من اعتبار الجوار .
ودليلنا عموم قوله تعالى : والجار ذي القربى الآية ، وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : أي بقربه ، ولأنه لما تميز الأقارب بوجوب النفقة تميز الجيران باستحقاق الزكوات ، ولأنه لما كان جيرانه في دار الإسلام أولى من زكاته من أقاربه في دار الحرب كان جيرانه في بلده أولى بها من أقاربه في غير بلده . وتحريره قياسا أن الجار أحق بسقبه قياسا على دار الحرب ، فأما الخبر فمحمول على أحد وجهين : قرب الدار أحق بالزكاة من قرب النسب
أحدهما : على صدقة التطوع .
والثاني : على ذي الرحم الذي يجب نفقته ، فأما الاعتبار للزوم الصفة في النسب دون الجوار ففاسد بالشفعة حيث روعي فيها الجوار دون النسب ، وأما الاستدلال بوجوب النفقة بالنسب دون الجوار فهو أحق أن يكون دليلا عليهم لتميز مستحقي النفقة عن مستحقي الزكاة ، والله أعلم .