فصل : فإذا ثبت وجوب فحكمها في الجهر والإسرار حكم الفاتحة ، سواء جهر بها مع الفاتحة في صلاة الجهر ، ويسر بها مع الفاتحة في صلاة الإسرار الفاتحة وأن بسم الله الرحمن الرحيم آية منها
وقال أحمد بن حنبل : يسر بها في صلاة الجهر والإسرار
وقال إسحاق : هو مخير بين الجهر والإسرار
واستدل من قال يسر بها برواية ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في المكتوبات . قالوا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو جهر بها لكان النفل بها مستقيضا كالجهير بالقراءة ، ولما كان على أحد من الصحابة
[ ص: 109 ] ودليلنا رواية علي ، وابن عباس ، وأنس ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
وروى أنس بن مالك أن معاوية لما قدم المدينة ولم يجهر بها للسورة فناداه المهاجرون والأنصار من كل مكان : أسرقت الصلاة يا صلى صلاة جهر فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لفاتحة الكتاب ، معاوية ، أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟
فدل هذا الإنكار منهم على الإجماع في الجهر بها وإن ما ثبت أنه من الفاتحة كان الجهر بها كسائر آي الفاتحة
فأما حديث ابن مسعود فيحمل على صلاة الإسرار ، وأما استدلالهم أن الجهر بها لو كان سنة لكان نفلة مستفيضا ، فيقال : ولو كان الإسرار بها سنة لكان ذلك مستفيضا كالركعتين الآخرتين