مسألة : قال الشافعي : " فأما أو ارويني أو زوديني وما أشبه ذلك فليس بطلاق وإن نواه ولو أجزت النية بما لا يشبه الطلاق أجزت أن يطلق في نفسه " . ما لا يشبه الطلاق مثل قول بارك الله فيك أو اسقيني أو أطعميني
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الألفاظ في الطلاق تنقسم ثلاثة أقسام : صريح وقد مضى ، وكناية وقد تقدم ، وما ليس بصريح ولا كناية ، وهو هذا ، كقوله : أطعميني أو اسقيني أو زوديني وما أحسن عشرتك وما أظهر أخلاقك ، وما جرى مجرى هذه الألفاظ التي توضع للفرقة ولا تتضمن معنى البعد ، فلا يقع بها الطلاق ، سواء نواه أو لم ينوه ، لأن لوقع بمجرد النية ، وقد رددنا على الطلاق لو وقع بما لا يتضمن معنى الفرقة ، مالك في إيقاعه الطلاق بمجرد النية ، في إحدى الروايتين عنه ، وهو قول محمد بن سيرين .
فأما إذا قال لها : اطعمي أو اشربي ، كان كناية يقع به الطلاق ، إذا نواه .
وقال أبو إسحاق المروزي : لا يكون كناية ، كما قال أطعميني واسقيني ، وهذا فاسد لأن قوله اطعمي واشربي ، يتضمن معنى البعد ، لأن معناه اطعمي ما لك واشربي شرابك وهي تفعل ذلك في الأغلب ، إذا خلت من زوج ، وقوله : أطعميني واسقيني ، إذن لها وتقريب ، فجرى هذا مجرى قوله قري ، وليس بكناية وجرى ذلك مجرى قوله اذهبي ، وهي كناية ، ولو قال : تجرعي وتفصصي ، كان كناية ، وافق عليه أبو إسحاق ، ولو قال : جرعيني وغصصيني كان فيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : لا يكون كناية ، كما لو قال : أطعميني واسقيني .
والثاني : يكون كناية ، لأن معناه جرعني فراقك ، وغصصتيني لبعادك ، ولو قال لها : بارك الله فيك ، لا يكون كناية ، ولو قال : بارك الله لك ، كان كناية ، والفرق بينهما ما ذكرناه .