الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا لم يغسل البول عن الأرض حتى تقادم عهده ، وزالت رائحته بطلوع الشمس ، وهبوب الرياح ، فنجاسة الأرض باقية ، والصلاة عليها غير جائزة .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : قد طهرت الأرض وجازت الصلاة عليها ، ولم يجز التيمم بترابها ، وقد حكى ابن جرير هذا القول عن الشافعي في القديم ، وليس يعرف له .

                                                                                                                                            والدلالة على ما ذكرنا من نجاسة الأرض هو أنه محل نجس ، فوجب أنه لا يطهر بطلوع الشمس ، وطول المكث قياسا على الثوب والبساط .

                                                                                                                                            فإن قيل : الفرق بين الأرض ، والبساط أن الأرض بطلوع الشمس عليها تجذب النجاسة الرطبة إلى قرارها فيطهر ظاهرها ، وليس للثوب قرار تنزل إليه نداوة النجاسة .

                                                                                                                                            قيل : هذا يفسد بالبساط النجس إذا جف وجهه ، ونزلت النجاسة إلى أسفله هو نجس ، وإن كان معنى الأرض فيه موجودا ، ولأنه تراب لا يجوز التيمم به لأجل النجاسة فوجب أن لا تجوز الصلاة عليه قياسا على ما قرب عهد نجاسته ، فإن قيل : إنما لم يجز التيمم ، لأن الطبقة الثانية نجسة لنزول النجاسة إليها وبإثارة التراب في التيمم تصل إليها .

                                                                                                                                            قلنا : فيجب على هذا إذا كشط وجه الأرض وأخذ أعلى التراب أن يجوز التيمم به ، وفي إجماعنا على المنع منه دليل على فساد هذا التعليل ، وتسوية الحال في المنع من التيمم به ، والصلاة عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية