الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي اللسان الدية .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، لرواية عمرو بن حزم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه إلى اليمن : في اللسان الدية ولأنه قول أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ولا مخالف لهم ، ولأنه عضو من تمام الخلقة فيه جمال ومنفعة يألم بقطعه ، وربما سرى إلى نفسه فوجب أن تكمل فيه الدية كسائر الأعضاء ، فأما جمال اللسان فقد روى ابن عباس أنه قال : يا رسول الله فيم الجمال ؟ قال : في اللسان .

                                                                                                                                            وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : المرء مخبوء تحت لسانه .

                                                                                                                                            [ ص: 263 ] وأما منفعة اللسان فالمعتمد منها ثلاثة أشياء :

                                                                                                                                            أحدها : الكلام الذي يعبر به عما في نفسه ويتوصل به إلى إرادته ولأهل التأويل في قوله تعالى : خلق الإنسان علمه البيان [ الرحمن : 3 ، 4 ] تأويلان .

                                                                                                                                            أحدهما : الخط .

                                                                                                                                            والثاني : الكلام .

                                                                                                                                            والثاني من منافع اللسان : حاسة ذوقه الذي يدرك به ملاذ طعامه وشرابه ، ويعرف به فرق ما بين الحلو والحامض ، والمر والعذب .

                                                                                                                                            والثالث : الاعتماد عليه في أكل الطعام ومضغه وإدارته في لهواته حتى يستكمل طحنه في الأضراس ويدفع بقاياه من الأشداق .

                                                                                                                                            وهذه الثلاثة من أجل المنافع التي لا يتوصل بغير اللسان إليها ، فكان من أجل الأعضاء نفعا ، فإذا ثبت أن في اللسان الدية ففيه الدية كاملة إذا كان ناطقا سليما ، ولا فرق بين لسان الصغير والكبير ، والمتكلم بالعربية والأعجمية ، والفصيح والألكن ، والثقيل والعجل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية