الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولا بأس إذا كان حكم الإسلام الظاهر أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين ، وذلك أنه تحل دماؤهم مقبلين ومدبرين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهو كما قال : يجوز للإمام أن يستعين بالمشركين على قتال المشركين : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان في بعض حروبه بيهود بني قينقاع ، واستعار من صفوان بن أمية عام الفتح سبعين درعا .

                                                                                                                                            وشهد معه حنينا وهو على شركه ، وسمع أبا سفيان يقول : غلبت هوازن وقتل محمد .

                                                                                                                                            فقال له : بفيك الحجر ، والله لرب من قريش أحب إلينا من رب من هوازن .

                                                                                                                                            فإن قيل : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا بريء من كل مسلم مع مشرك .

                                                                                                                                            قيل : إنما برئ من معونة المسلم لمشرك ، ولم يبرأ من معونة المشرك لمسلم .

                                                                                                                                            وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تستضيئوا بنار أهل الشرك . ومعناه : لا ترجعوا إلى آرائهم .

                                                                                                                                            فإذا ثبت جواز الاستعانة بهم على المشركين ، وإن لم يجز الاستعانة بهم على أهل البغي ، فهي معتبرة بثلاثة شروط :

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون نياتهم في المسلمين جميلة .

                                                                                                                                            والثاني : أن يعلم من حالهم أنهم إن انضموا إلى المشركين ، لم يضعف المسلمون عن جميعهم .

                                                                                                                                            والثالث : أن يؤمن غدرهم وتخزيلهم .

                                                                                                                                            فإذا استكملت فيهم هذه الشروط استعان بهم . [ ص: 131 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية