الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            ولا فرق على القولين معا بين أن يولدوا في دار الإسلام أو في دار الحرب .

                                                                                                                                            وفرق أبو حنيفة بينهما فقال : إن ولدوا في دار الإسلام لم يجز سبيهم ولا استرقاقهم ، وإن ولدوا في دار الحرب جاز سبيهم واسترقاقهم .

                                                                                                                                            احتجاجا : بقول النبي صلى الله عليه وسلم : منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها . [ ص: 173 ] قال : ولأن الذمي إذا نقض عهده لم يجز أن يسترق في دار الإسلام ، وجاز أن يسترق في دار الحرب ، كذلك ولد المرتد .

                                                                                                                                            ودليلنا في التسوية بين الدارين في حكم الردة : قول النبي صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها .

                                                                                                                                            ولم يفرق فيهم بين الدارين .

                                                                                                                                            ولأن حكم الدار معتبر بأهلها ، فهي تابعة وليست متبوعة .

                                                                                                                                            ولأن من لم يجز استرقاقه إذا ولد في دار الإسلام ، لم يجز استرقاقه إذا ولد في دار الحرب ، كالذي أحد أبويه مسلم . ومن جاز استرقاقه إذا ولد في دار الحرب ، جاز استرقاقه إذا ولد في دار الإسلام ، كولد الحربيين .

                                                                                                                                            فأما الخبر فمحمول على تغليب حكم العموم دون الخصوص .

                                                                                                                                            وأما ناقض الذمة ، فلم نعتبر - نحن ولا هم - فيه حكم الولادة ، وجاز استرقاقه وسبيه في دار الحرب ولم يجز في دار الإسلام : لأن علينا أن نبلغه مأمنه [ إذا نقض عهده ، فلذلك ما افترق حكمه في دار الإسلام ودار الحرب وخالف المرتد : لأنه لا يلزمنا أن نبلغه مأمنه ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية