فصل : فإن شهد أحد هؤلاء الوقعة لم يسهم له ولم يرضخ لمعصيته بالحضور ، وخروجه به من أهل الجهاد .
فإن قيل : عاص ويسهم له ، والصبي من غير أهل الجهاد ويرضخ له ، فهلا كان هؤلاء بمثابتهم . فمن شهد الوقعة بغير إذن أبويه وإذن صاحب الدين
قيل : الفرق بينهما أن منع ذوي الضرر لمعنى يختص بمقصود الجهاد المتعبد به ، فبطل حقهم منه ، ومنع ذي الأبوين ومن عليه الدين لمعنى في غير الجهاد ، فلم يبطل حقهم منه : اعتبارا بالأصول في غير الجهاد كمنع المصلي بالنجاسة وفي الدار المغصوبة : تبطل صلاته بالنجاسة لاختصاص المنع بمعنى يعود إلى الصلاة ، ولا يبطل في الدار المغصوبة لاختصاص المنع بما لا يعود إليها : لأنه يمنع من دخولها مصل وغير مصل .
فإن تظاهر هؤلاء بالتوبة نظر ، فإن كانت بعد توجه الظفر لم يسهم لهم ، وإن كانت قبل توجه الظفر كشف عنها .
فإن كانت لتقية وحذر لم يسهم لهم ، وكذلك لو كانت لرغبة في المغنم ، فإن كانت لتدين قد ظهر منهم : أسهم لهم ، وإن أشكلت أحوالهم لم يسهم لهم ، لترددها بين إسقاطه واستحقاقه ، ولو غزا من ذوي النفاق من أضمره ولم يتظاهر بالضرر : أسهم له ، ولم يكشف عن باطن معتقده .
قد أسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن شهد غزواته من المنافقين .