الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وأقل ما على الإمام أن لا يأتي عام إلا وله فيه غزو بنفسه أو بسراياه على حسن النظر للمسلمين حتى لا يكون الجهاد معطلا في عام إلا من عذر " .

                                                                                                                                            [ ص: 140 ] قال الماوردي : وهذا صحيح ، أن على الإمام بعد تحصين الثغور ، بما قدمناه شيئين :

                                                                                                                                            أحدهما : مراعاة كل ثغر في مقاومة من بإزائهم من الأعداء ، فإنهم لا يخلون من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكونوا أكفاءهم في المقاومة والمطاولة ، فيقرهم على حالهم فلا يمدهم ولا يستمدهم .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكونوا أقل من أكفاء عدوهم ، فليس له أن يستمدهم ، وعليه أن يمدهم بمن يصيروا معه أكفاء أعدائهم ، إن طلبهم العدو امتنعوا منه ، وإن طلبوا العدو قدروا عليه ، وهذا هو الحد المقصود في تدبيرهم .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكونوا أكثر من أكفاء عدوهم ، فليس عليه أن يمدهم وله أن يستمدهم إذا احتاج ، ولهم حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن لا يحتملهم الثغر لكثرتهم ، فعليه أن ينقلهم إلى غيره .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يحتملهم الثغر فيقرهم فيه عدة لحاجته إليهم ، ويفعل ذلك في كل عام : لأن أمور الثغور قد تنتقل من قوة إلى ضعف ، ومن ضعف إلى قوة : ليكونوا أبدا قادرين على الامتناع والطلب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية