الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو أوصى ببناء كنيسة لصلاة النصارى فمفسوخ ، ولو قال ينزلها المارة ، أجزته ، وليس في بنائها معصية إلا بأن تبنى لصلاة النصارى " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أوصى رجل ببناء كنيسة لصلاة النصارى ، أو بيعة لصلاة اليهود في دار الإسلام لم يجز ، وكانت الوصية به باطلة ، سواء كان الموصي مسلما أو ذميا ، لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها مجمع لما أبطله الله تعالى ، من صلاتهم وإظهار كفرهم .

                                                                                                                                            والثاني لتحريم ما يستأنف إحداثه في بلاد الإسلام من البيع والكنائس .

                                                                                                                                            فإن أحد من أهل الذمة أوصى أن تبنى داره بيعة أو كنيسة لم يجز ، وسواء تحاكموا إلينا في الوصية أو إلى حاكمهم : إلا أنهم إن تحاكموا إلينا أبطلنا الوصية ، ومنعنا من البناء ، وإن لم يتحاكموا إلينا منعنا من البناء ، ولم نعترض للوصية .

                                                                                                                                            فإن كانت الوصية بعمارة بيعة قد استهدمت أبطلنا الوصية إن ترافعوا إلينا ، ومنعنا من البناء لبطلان الوصية .

                                                                                                                                            وإن لم يترافعوا إلينا لم نعترض للوصية ، فإن بنوها لم يمنعوا لاستحقاق إقرارهم الذي يقدم عليها .

                                                                                                                                            ولو أوصى ببناء كنيسة أو بيعة في دار الحرب لم يعترض عليهم في الوصية ، ولا في البناء : لأن أحكامنا لا تجري على دار الحرب ، فإن ترافعوا في الوصية إلينا حكمنا بإبطالها ، ولم نمنع من بنائها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية