فصل : من يكاتبه القاضي بحكمه .
وأما الفصل الثاني : من الفصول الأربعة وهو فيمن يكاتبه القاضي بحكمه فهم على أربعة أقسام :
أحدها : مكاتبة القضاة .
والثاني : مكاتبة الأمراء .
والثالث : مكاتبة الشهود .
والرابع : مكاتبة المحكوم عليه .
فأما القسم الأول في : فيكاتب بحكمه أحد قاضيين : إما قاضي البلد الذي فيه الخصم المحكوم عليه ، وإما قاضي البلد الذي فيه الملك المحكوم به ، وليس لمكاتبة غيرهما من القضاة وجه ، لأنه لا يتعلق على غيرهما شيء من حكمه . فإذا كتب إلى قاضي البلد الذي فيه الخصم المطلوب فانتقل المطلوب إلى بلد آخر أوصل الطالب كتابه إلى ذلك القاضي ويتنجز به كتابه إلى قاضي البلد الذي انتقل المطلوب إليه ، وجاز للقاضي الثاني أن يكتب به إلى القاضي الثالث . مكاتبة القضاة
فإن عاد الطالب إلى القاضي الأول وسأله أن يكتب له إلى القاضي الثالث [ ص: 224 ] فالأولى بالقاضي الأول أن يستعيد منه الكتاب الأول ويكتب له كتابا ثانيا إلى القاضي الثالث .
فإن لم يستعده ، ذكر في الكتاب الثاني أنه قد كان كتب له كتابا بهذا الحكم إلى فلان القاضي حتى لا يتوصل بالكتابين إلى أن يأخذ بحق حقين .
فإن قال الطالب خصمي في بلد كذا ولست آمن أن ينتقل منه إلى غيره ، وسأل كتابين ، لم يجز أن يكتبهما ، وكان القاضي بين خيارين : إما أن يكتب إلى قاضي البلد الذي كان فيه المطلوب ، ليتنجز به الطالب كتاب ذلك القاضي إن خرج المطلوب إلى غيره ، وإما أن يكتب له كتابا مرسلا إلى من وصل إليه كتابه من سائر القضاة .
وهكذا لو لم يعرف الطالب البلد الذي فيه المطلوب ، كتب له القاضي كتابا مطلقا يعلم به جميع القضاة ، فأي قاض كان المطلوب في بلده جاز له أن يقبل كتابه ويحكم به .
ولو كتب القاضي للطالب كتابا وتسلمه منه ثم ذكر أنه قد ضاع ، كتب له غيره على مثل نسخه لا يتغير في لفظ ولا معنى ، وذكر فيه أن الطالب قد كان تنجز غيره بمثله ، وذكر أنه ضاع منه لئلا يتم بالكتابين احتيال .
ويجوز أن يكون كتاب القاضي إلى القاضي على أحد وجهين :
إما بالحكم بالحق ليكون الثاني مستوفيا ، وإما بثبوت الحق ، ليكون الثاني حاكما .