الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحال الثالثة : أن يكون فرض التحمل على الكفاية ، وفرض الأداء على الأعيان ، لأنهم عند التحمل أكثر من عدد الشهادة فلم يخفض الفرض ببعضهم ، وصار على الكفاية ، وهم عند الأداء مقصورون على عدد الشهادة فأخفض الفرض بهم وتعين عليهم فيجري على كل واحد منهم حكمه في اعتبار الكفاية في التحمل ، وتعين الفرض في الأداء ، فإن مات أحد شاهدي الأداء وبقي الآخر لم يخل حال المشهود من إحدى حالين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مما لا يحكم فيه بالشاهد واليمين ، كالنكاح ، والطلاق ، وجناية العمد ، فيسقط فرض الأداء عن الباقي ، لأنه لا يثبت بشهادته حق .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون مما يجوز أن يحكم فيه بالشاهد واليمين ، فلا يخلو حال الشاهد المؤدي والحاكم المشهود عنده من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون ممن يرى الحكم بالشاهد واليمين ، فيجب على الشاهد أن يشهد ، وعلى المشهود عنده أن يحكم .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يكون ممن لا يرى الحكم بالشاهد واليمين ، فلا يجب على الشاهد أن يشهد ، ولا يجوز للحاكم أن يحكم .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكون الشاهد ممن يرى الحكم بالشاهد واليمين ، والحاكم ممن لا يرى الحكم به ، فلا يجب على الشاهد أن يشهد ، لأنه لا يتعلق بشهادته إلزام .

                                                                                                                                            [ ص: 53 ] والحال الرابعة : أن يكون الشاهد ممن لا يرى الحكم بالشاهد واليمين ، والحاكم ممن يرى الحكم به ، فعلى الشاهد أن يشهد ، لأنه وإن كان ممن لا يرى ذلك فهو يعتقد أن ما يشهد به حق واجب ، وإن كان في التزام الحكام غير واجب ، والإلزام معتبر باجتهاد الحاكم دون اجتهاد الشاهد ، وهكذا لو كان اليمين مع الشاهد امرأتان ، فيما اختلف فيه الحكم بالشاهد والمرأتين ، كان معتبرا بهذه الأحوال الأربعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية