الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وذهب آخرون من أصحابنا إلى أنها مصورة في مسألة مستأنفة ، أن تكون الدار في يدي رجل ، فيدعيها اثنان ليسا بأخوين ، فيقول كل واحد منهما ، هذه الدار لأبي ورثتها منه ، وينكره الآخر ويدعيها لأبيه ، ورثها عنه ، ويقيم كل واحد منهما بينة على ما ادعاه فقد تعارضت البينتان ، وتكاذبتا لاستحالة أن تكون كل الدار لكل واحد من أبويهما ، فتكون على ثلاثة أقاويل كتعارض البينتين في الأموال :

                                                                                                                                            أحدها : وترجع إلى صاحب اليد فإن صدق أحدهما دفعها إليه وفي وجوب اليمين عليه ، للمكذب قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يمين عليه ، إذا قيل : إنه لو أقر لم يغرم .

                                                                                                                                            والثاني : عليه اليمين إذا قيل : إنه لو أقر غرم ، وإن صدقها دفع الدار إليهما ، وهل يحلف لكل واحد منهما على قولين ، وإن كذبهما وادعاها لنفسه ، حلف لهما ، وأقرت الدار على ملكه ، ولا يكون قيام البينة بملكها لكل واحد من الأبوين موجبا لزوال ملكه ورفع يده ، لما ذكرنا من اشتباه مستحقها .

                                                                                                                                            والقول الثاني : في الأصل الإقراع بين البينتين ، والحكم بها لمن قرع منهما ، وفي إحلافه مع القرعة ، قولان ، ولا تنتزع الدار إلا بعد القرعة ، لأن بالقرعة تمتاز البينة المستحقة فإن جعلت اليمين بعد القرعة شرطا في الاستحقاق لم تنتزع إلا بعد يمينه ، وإن لم تجعل شرطا انتزعت بغير يمين .

                                                                                                                                            والقول الثالث : استعمال البينتين ، وقسم الدار بينهما نصفين ، وهذا متفق على تخريجه في هذا الموضع ، وإن اختلف في تخريجه في المسألة المتقدمة ، لأنه لا يستحيل أن تكون الدار مشتركة بين أبويهما ، فجاز أن تقسم بينهما كسائر الأموال التي يجوز فيها الاشتراك ، ولا يستحيل بخلاف الميراث المستحق عن شخص يستحيل أن يموت مسلما كافرا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية