الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا دبر حمل جاريته دونها ، ثم باعها حاملا ، فإن قصد ببيعها الرجوع في تدبير حملها صح البيع ، وبطل به تدبير الحمل وإن باعه مطلقا لم يستثنه في البيع ، ولا قصد به إبطال التدبير في الحمل ففي صحة البيع قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : صح البيع ؛ لأن بيع المدبر رجوع ، وإن لم يقصد به الرجوع .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو المنصوص ، أن البيع باطل ؛ لأن حكم الحمل مخالف لحكم أمه .

                                                                                                                                            [ ص: 130 ] فأما ولد المعتقة بالصفة كقوله لأمته : إن دخلت الدار فأنت حرة . فعلى الأضرب الثلاثة :

                                                                                                                                            أحدها : من ولدته قبل عقد الصفة فهو مملوك .

                                                                                                                                            والثاني : من ولدته بعد وجود الصفة ، ودخول الدار فهو حر .

                                                                                                                                            والثالث : من ولدته بعد عقد الصفة ، وقبل وجودها ففيه قولان كولد المدبرة سواء :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون تبعا لها في العتق بوجود الصفة . والثاني : لا يتبعها ويكون مرقوقا لسيدها .

                                                                                                                                            فلو قال لها : إن دخلت الدار بعد سنة ، فأنت حرة كان من ولدتهم قبل مضي السنة مماليكا ، ومن ولدتهم بعد دخول الدار أحرارا ، ومن ولدتهم بعد السنة وقبل دخول الدار على قولين ، ويكون من ولدتهم قبل مضي السنة كمن ولدتهم قبل عقد الصفة لأن صفة العتق دخول الدار بعد السنة . وهذا كله فيمن حرر حمله وولادته في هذه الأحوال الثلاث ولو قال لها : أنت حرة بعد موتي بسنة ، كان من ولدتهم في حياة السيد مماليكا ، ومن ولدتهم بعد موته بسنة أحرارا . ومن ولدتهم بعد موته وقبل مضي السنة : اختلف أصحابنا فيه فمنهم من خرجه على قولين ، وسوى بين جمع الصفة بعد الموت ، وعقدها قبل الموت ، ومنهم من أعتقهم قولا واحدا ، وفرق بين عقد الصفة بعد الموت ، وعقدها قبل الموت : أنه قبل الموت يجوز أن يستفيد ملكا وبعده لا يجوز أن يستفيد ملكا . فإن عتق الولد معها كانا معتبرين من ثلثه ولا يقرع بينهما ، ويعتق منه بقدر ما عتق منها ، وإن لم يعتق الولد معها ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون من تركة السيد .

                                                                                                                                            والثاني : يكون ملكا للورثة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية