مسألة : قال المزني ، رضي الله عنه : " وقال في كتاب النكاح القديم ليس له أن يزوجها بغير إذنها وقال في هذا الكتاب إنها كالمملوكة في جميع أحكامها إلا أنها لا تباع ، وفي كتاب الرجعة له أن يختدمها وهي كارهة ( قال المزني ) قلت أنا : وهذا أصح قوليه لأن رقها لم يزل فكذلك ما كان له من وطئها وخدمتها وإنكاحها بغير إذنها لم يزل . وبالله التوفيق " .
قال الماوردي : أما ، فمما لم يختلف مذهب استخدام السيد لها واستمتاعه بها الشافعي في جوازه كما لم يختلف مذهبه في عتقها لموته وتحريم بيعها في حياته ، وأما تزويجه بها ، فلا يصح لأنه مستبيح لها بالملك ، فلم يثبت له عليها نكاح كالأمة ، ولكن لو أعتقها جاز له أن يتزوجها لأنها قد حرمت عليه بالعتق ، فجاز أن يستبيحها بالنكاح .
فأما إذا ، ففيه ثلاثة أقاويل : أراد أن يزوجها بزوج
أحدها : قاله في الجديد ، واختاره المزني : يجوز أن يزوجها جبرا ، وإن لم تأذن ، لأنه يملك الاستمتاع بها كما يملك استخدامها ، فجاز أن يعقد على استمتاعها بالنكاح ، كما يجوز أن يعقد على استخدامها بالإجارة ، ولأن المهر من كسبها ، فلم يكن لها تفويته على سيدها كسائر أكسابها .
والقول الثاني : قاله في القديم : يجوز أن يزوجها بإذنها ، وليس له إجبارها ، لأن منعه من بيعها قد أوهن تصرفه فيها ، فمنع من الإجبار لضعف تصرفه فيها .
والقول الثالث : لا يجوز أن يزوجها وإن أذنت ، لنقصان كل واحد منهما عن حال الكمال ، فعلى هذا هل يزوجها الحاكم أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : يجوز له تزويجها إذا رضيت ورضي [ ص: 321 ] سيدها ، ولا يجوز أن يزوجها إذا لم يجتمعا على الرضا ، لأن الحاكم يملك من عقود المناكح ما ضعف عنه الأولياء .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : لا يجوز للحاكم تزويجها لأنه لما منع من تزويجها إذا لم يجتمعا على الرضا منع منه وإن اجتمعا عليه لضعف كل واحد منهما أن يكون لإذنه تأثير .