الطرف الرابع : في : وفيه فصول . كيفية اللعان
الأول : في كلمات اللعان وهي خمس : ، ويسميها ويرفع في نسبها بحيث تتميز إن كانت غائبة عن المجلس . وفي تعليق الشيخ أن يقول الزوج أربع مرات : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي من الزنا أبي حامد ، أنه يرفع في نسبها بحيث تتميز عن سائر زوجاته إن كان في نكاحه غيرها ، فقد يشعر هذا بالاستغناء بقوله : فيما رميت به زوجتي عن الاسم والنسب ، إذا لم يكن [ ص: 351 ] تحته غيرها . فإن كانت المرأة حاضرة عنده أشار إليها ، وهل يحتاج مع الإشارة إلى التسمية ؟ وجهان . أصحهما : لا ، كسائر العقود والفسوخ . والثاني : نعم ، لأن اللعان مبني على الاحتياط والتغليظ ، وقد يقال في هذا التوجيه : لا يكتفى في الحاضرة بالتسمية ورفع النسب حتى تضم إليهما الإشارة ، ثم يقول في الخامسة : إن علي لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ، ويعرفها في الغيبة والحضور كما في الكلمات الأربع ، وإن كان ولد ينفيه ذكره في الكلمات الخمس ، فيقول : وإن الولد الذي ولدته ، أو هذا الولد من الزنا وليس هو مني . وإن قال : هو من زنا واقتصر عليه ، كفى على الأصح ، ولو اقتصر على قوله : ليس مني ، لم يكف على الصحيح لاحتمال إرادة عدم الشبه ، ولو أغفل ذكر الولد في بعض الكلمات ، احتاج إلى إعادة اللعان لنفيه ، ولا تحتاج المرأة إلى إعادة لعانها على لعانها على المذهب . وحكى السرخسي تخريج قول فيه .
أن تقول أربع مرات : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ، وتقول في الخامسة : علي غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماني به ، والقول في تعريفه غائبا وحاضرا ، كما ذكرنا في جانبها ، ولا تحتاج هي إلى ذكر الولد ، لأن لعانها لا يؤثر فيه . ولو تعرضت له ، لم يضر ، وفي " جمع الجوامع " للقاضي وصفة لعان المرأة الروياني أن القفال حكى وجها ضعيفا أنها تذكره ، فتقول : هذا الولد ولده ليستوي اللعانان .
فرع
لا يثبت شيء من أحكام اللعان إلا إذا تمت الكلمات الخمس ، ولو ، لم ينفذ حكمه ، لأن حكمه غير جائز بالإجماع ، فلا ينفذ كسائر الأحكام الباطلة . حكم حاكم بالفرقة بأكثر كلمات اللعان
[ ص: 352 ] فرع
لو ، أو قال : بالله إني لمن الصادقين من غير زيادة ، أو أبدل لفظ اللعن بالإبعاد ، أو لفظ الغضب بالسخط ، أو الغضب باللعن أو عكسه ، لم يصح على الأصح في جميع ذلك . وقيل : لا يصح قطعا في إبدال الغضب باللعن ، ولا في الاقتصار على : بالله إني لمن الصادقين . ويشترط تأخير لفظتي اللعن والغضب عن الكلمات الأربع على الأصح ، ويشترط الموالاة بين الكلمات الخمس على الأصح ، فيؤثر الفصل الطويل . قال بدل كلمة الشهادة : أحلف بالله ، أو أقسم ، أو أؤلي بالله إني لمن الصادقين
فرع
، فيقول للملاعن : قل : أشهد بالله إني لمن الصادقين . . . إلى آخرها . يشترط في لعان الرجل والمرأة أن يأمر الحاكم به
فرع
يشترط كون لعانها بعد لعان الرجل .
فرع
، ولا سائر تصرفاته . وإن كان له إشارة مفهومة ، أو كتابة ، صح قذفه ولعانه ، كالبيع والنكاح والطلاق وغيرها ، ثم المفهوم من كلام الأكثرين ، وفي الشامل وغيره ، التصريح به أنه يصح لعانه بالإشارة وحدها ، وبالكناية وحدها ، وذكر المتولي ، أنه إذا لاعن بالإشارة ، أشار بكلمة الشهادة أربع مرات ، ثم بكلمة اللعن ، وإن لاعن بالكتابة ، كتب كلمة الشهادة وكلمة اللعن ، ويشير إلى كلمة الشهادة أربع مرات ، ولا يكلف أن يكتب أربع مرات ، وهذا الطريق الآخر [ ص: 353 ] جمع بين الإشارة والكتابة ، وهو جائز ، ولكن مقتضى التصحيح بالكتابة المجردة تكرير كتابة كلمة الشهادة . إن لم يكن للأخرس إشارة مفهومة ، ولا كتابة ، لم يصح قذفه ولا لعانه
وأما قول في " الوجيز " : عليه أن يكتب مع الإشارة أو يورد اللفظ عليه ناطق فيشير بالإجابة - فلم يقله أحد من الأصحاب ، وإنما قال الإمام : لو قال به قائل ، لكان قريبا ، وحكاه في " البسيط " عن بعض الأصحاب ، ولا يعرف عن غيره . ولو لاعن الأخرس بالإشارة ، ثم عاد نطقه وقال : لم أرد اللعان بإشارتي ، قبل قوله فيما عليه ، فيلحقه النسب والحد ، ولا يقبل فيما له ، فلا ترتفع الفرقة والتحريم المؤبد ، وله أن يلاعن في الحال لإسقاط الحد ، وله اللعان لنفي الولد إن لم يفت زمن النفي . ولو قال : لم أرد القذف أصلا ، لم يقبل قوله ، ولو قذف ناطق ، ثم عجز عن الكلام لمرض أو غيره ، فإن لم يرج زوال ما به ، فهو كالأخرس ، وإن رجي ، فثلاثة أوجه . أحدها : لا ينتظر ، بل يلاعن بالإشارة لحصول العجز ، وربما مات فلحقه نسب باطل . والثاني : ينتظر وإن طالت مدته . وأصحهما : ينتظر ثلاثة أيام فقط . ونقل الإمام أن الأئمة صححوه . وعلى هذا ، فالوجه أن يقال : إن كان يرجى زواله إلى ثلاثة أيام ينتظر ، وإلا فلا ينتظر أصلا . الغزالي
فرع
، يلاعن بلسانه ، ويراعي ترجمة الشهادة واللعن والغضب ، فإن أحسن العربية ، فهل يتعين اللعان بها ، أم له أن يلاعن بأي لسان شاء ؟ فيه وجهان . أصحهما : الثاني . وإذا لاعن بغير العربية ، فإن كان القاضي يحسن تلك اللغة ، فلا حاجة إلى مترجم ، ويستحب أن يحضره أربعة ممن يحسنها ، وإن لم يحسنها ، فلا بد من مترجمين ، ويكفيان في جانب المرأة ، فإنها تلاعن لنفي الزنا لا لإثباته . وفي جانب الرجل طريقان . أصحهما : القطع بالاكتفاء باثنين ، وبه قال من لا يحسن العربية أبو إسحاق وابن سلمة . والثاني : على قولين بناء على الإقرار بالزنا يثبت بشاهدين ، أم يشترط أربعة ؟ والأظهر ثبوته بشاهدين .