الفصل الثاني من الباب الرابع
فيما يجزئ في اللباس في الصلاة .
أما اللباس فالأصل فيه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد ) ، والنهي الوارد عن هيئات بعض الملابس في الصلاة ، وذلك أنهم اتفقوا فيما أحسب على أن
nindex.php?page=treesubj&link=1372_1373الهيئات من اللباس التي نهي عن الصلاة فيها مثل اشتمال الصماء ( وهو أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء ) وسائر ما ورد من ذلك - أن ذلك كله سد ذريعة ألا تنكشف
[ ص: 100 ] عورته ، ولا أعلم أن أحدا قال لا تجوز صلاة على إحدى هذه الهيئات إن لم تنكشف عورته ، وقد كان على أصول أهل الظاهر يجب ذلك واتفقوا على أنه يجزئ الرجل من اللباس في الصلاة الثوب الواحد لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل أيصلي الرجل في الثوب الواحد ؟ فقال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005791أولكلكم ثوبان ؟ " ، واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=1372الرجل يصلي مكشوف الظهر والبطن ، فالجمهور على جواز صلاته لكون الظهر والبطن من الرجل ليسا بعورة ، وشذ قوم فقالوا : لا تجوز صلاته
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005792لنهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء ، وتمسك بوجوب قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد ) واتفق الجمهور على أن
nindex.php?page=treesubj&link=1371اللباس المجزئ للمرأة في الصلاة هو درع وخمار ، لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005793أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ماذا تصلي فيه المرأة ؟ فقال : في الخمار ، والدرع السابغ إذا غيبت ظهور قدميها " ، ولما روي أيضا عن
عائشة عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005794لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " ، وهو مروي عن
عائشة ،
وميمونة ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة أنهم كانوا يفتون بذلك وكل هؤلاء يقولون إنها إن صلت مكشوفة أعادت في الوقت وبعده ، إلا
مالكا فإنه قال : إنها تعيد في الوقت فقط . والجمهور على أن الخادم لها أن تصلي مكشوفة الرأس والقدمين ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري يوجب عليها الخمار واستحبه
عطاء .
وسبب الخلاف : الخطاب المتوجه إلى الجنس الواحد هل يتناول الأحرار والعبيد معا أم الأحرار فقط دون العبيد ؟ واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=1377صلاة الرجل في الثوب الحرير فقال قوم : تجوز صلاته فيه .
وقال قوم : لا تجوز ، وقوم استحبوا له الإعادة في الوقت .
وسبب اختلافهم في ذلك : هل الشيء المنهي عنه مطلقا اجتنابه شرط في صحة الصلاة أم لا ؟ فمن ذهب إلى أنه شرط : قال : إن الصلاة لا تجوز به ، ومن ذهب إلى أنه يكون بلباسه مأثوما ، والصلاة جائزة قال : ليس شرطا في صحة الصلاة كالطهارة التي هي شرط ، وهذه المسألة هي من نوع الصلاة في الدار المغصوبة والخلاف فيها مشهور .
الْفَصْلُ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ الرَّابِعِ
فِيمَا يُجْزِئُ فِي اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ .
أَمَّا اللِّبَاسُ فَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ عَنْ هَيْئَاتِ بَعْضِ الْمَلَابِسِ فِي الصَّلَاةِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا فِيمَا أَحْسَبُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1372_1373الْهَيْئَاتِ مِنَ اللِّبَاسِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا مِثْلَ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ ( وَهُوَ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ ) وَسَائِرِ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ - أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سَدُّ ذَرِيعَةِ أَلَّا تَنْكَشِفَ
[ ص: 100 ] عَوْرَتُهُ ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ لَا تَجُوزُ صَلَاةٌ عَلَى إِحْدَى هَذِهِ الْهَيْئَاتِ إِنْ لَمْ تَنْكَشِفْ عَوْرَتُهُ ، وَقَدْ كَانَ عَلَى أُصُولِ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَجِبُ ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ الرَّجُلَ مِنَ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سُئِلَ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ؟ فَقَالَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005791أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ ؟ " ، وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1372الرَّجُلِ يُصَلِّي مَكْشُوفَ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ صَلَاتِهِ لِكَوْنِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ مِنَ الرَّجُلِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ ، وَشَذَّ قَوْمٌ فَقَالُوا : لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005792لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَتَمَسَّكَ بِوُجُوبِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1371اللِّبَاسَ الْمُجْزِئَ لِلْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ هُوَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ ، لِمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005793أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ ؟ فَقَالَ : فِي الْخِمَارِ ، وَالدِّرْعِ السَّابِغِ إِذَا غَيَّبَتْ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا " ، وَلِمَا رُوِيَ أَيْضًا عَنْ
عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005794لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ " ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ
عَائِشَةَ ،
وَمَيْمُونَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْتُونَ بِذَلِكَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِنَّهَا إِنْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةً أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ ، إِلَّا
مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ : إِنَّهَا تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْخَادِمَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَالْقَدَمَيْنِ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُوجِبُ عَلَيْهَا الْخِمَارَ وَاسْتَحَبَّهُ
عَطَاءٌ .
وَسَبَبُ الْخِلَافِ : الْخِطَابُ الْمُتَوَجِّهُ إِلَى الْجِنْسِ الْوَاحِدِ هَلْ يَتَنَاوَلُ الْأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ مَعًا أَمِ الْأَحْرَارَ فَقَطْ دُونَ الْعَبِيدِ ؟ وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1377صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ فَقَالَ قَوْمٌ : تَجُوزُ صَلَاتُهُ فِيهِ .
وَقَالَ قَوْمٌ : لَا تَجُوزُ ، وَقَوْمٌ اسْتَحَبُّوا لَهُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ .
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ : هَلِ الشَّيْءُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مُطْلَقًا اجْتِنَابُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا ؟ فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ شَرْطٌ : قَالَ : إِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ بِهِ ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ بِلِبَاسِهِ مَأْثُومًا ، وَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ قَالَ : لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ مِنْ نَوْعِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْخِلَافُ فِيهَا مَشْهُورٌ .