الباب السابع
في معرفة التروك التي هي شروط في صحة الصلاة .
وأما التروك المشترطة في الصلاة ، فاتفق المسلمون على أن منها قولا ، ومنها فعلا .
فأما الأفعال ، فجميع
nindex.php?page=treesubj&link=22742الأفعال المباحة التي ليست من أفعال الصلاة ، إلا
nindex.php?page=treesubj&link=22743قتل العقرب والحية في الصلاة ، فإنهم اختلفوا في ذلك لمعارضة الأثر في ذلك للقياس ، واتفقوا فيما أحسب على جواز الفعل الخفيف .
وأما الأقوال ، فهي أيضا الأقوال التي ليست من أقاويل الصلاة ، وهذه أيضا لم يختلفوا أنها تفسد الصلاة عمدا لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وقوموا لله قانتين ) ولما ورد من قوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005799إن الله يحدث من أمره ما يشاء " ومما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة ، وهو حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005800كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وقوموا لله قانتين ) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام " وحديث
معاوية بن الحكم السلمي : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005801إن صلاتنا لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتهليل والتحميد وقراءة القرآن " إلا أنهم اختلفوا من ذلك في موضعين : أحدهما
nindex.php?page=treesubj&link=22741إذا تكلم ساهيا ، والآخر
nindex.php?page=treesubj&link=23310إذا تكلم عامدا لإصلاح الصلاة .
وشذ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي فقال : من تكلم في الصلاة لإحياء نفس أو لأمر كبير ، فإنه يبني ، والمشهور من مذهب
مالك أن
nindex.php?page=treesubj&link=23310التكلم عمدا على جهة الإصلاح لا يفسدها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يفسدها التكلم كيف كان إلا مع النسيان ، وقال
أبو حنيفة : يفسدها التكلم كيف كان .
والسبب في اختلافهم : تعارض ظواهر الأحاديث في ذلك ، وذلك أن الأحاديث المتقدمة تقتضي تحريم الكلام على العموم ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المشهور : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005802أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين ، فقال له ذو اليدين : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أصدق ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين أخريين ، ثم سلم " ظاهره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم والناس معه ، وأنهم بنوا بعد التكلم ،
[ ص: 103 ] ولم يقطع ذلك التكلم صلاتهم ، فمن أخذ بهذا الظاهر ، ورأى أن هذا شيء يخص الكلام لإصلاح الصلاة استثنى هذا من ذلك العموم ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، ومن ذهب إلى أنه ليس في الحديث دليل على أنهم تكلموا عمدا في الصلاة وإنما يظهر منهم أنهم تكلموا وهم يظنون أن الصلاة قد قصرت ، وتكلم النبي - عليه الصلاة والسلام - وهو يظن أن الصلاة قد تمت ، ولم يصح عنده أن الناس قد تكلموا بعد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005803ما قصرت الصلاة وما نسيت " قال : إن المفهوم من الحديث إنما هو إجازة الكلام لغير العامد ، فإذا السبب في اختلاف
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في المستثنى من ذلك العموم هو اختلافهم في مفهوم هذا الحديث مع أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي اعتمد أيضا في ذلك أصلا عاما ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005804رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " وأما
أبو حنيفة فحمل أحاديث النهي على عمومها ، ورأى أنها ناسخة لحديث
ذي اليدين وأنه متقدم عليها .
الْبَابُ السَّابِعُ
فِي مَعْرِفَةِ التُّرُوكِ الَّتِي هِيَ شُرُوطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ .
وَأَمَّا التُّرُوكُ الْمُشْتَرَطَةُ فِي الصَّلَاةِ ، فَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مِنْهَا قَوْلًا ، وَمِنْهَا فِعْلًا .
فَأَمَّا الْأَفْعَالُ ، فَجَمِيعُ
nindex.php?page=treesubj&link=22742الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ ، إِلَّا
nindex.php?page=treesubj&link=22743قَتْلَ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ فِي الصَّلَاةِ ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ لِمُعَارَضَةِ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ لِلْقِيَاسِ ، وَاتَّفَقُوا فِيمَا أَحْسَبُ عَلَى جَوَازِ الْفِعْلِ الْخَفِيفِ .
وَأَمَّا الْأَقْوَالُ ، فَهِيَ أَيْضًا الْأَقْوَالُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَقَاوِيلِ الصَّلَاةِ ، وَهَذِهِ أَيْضًا لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَمْدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) وَلِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005799إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ " وَمِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ ، وَهُوَ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=68زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005800كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ " وَحَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005801إِنَّ صَلَاتَنَا لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ " إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ : أَحَدُهُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=22741إِذَا تَكَلَّمَ سَاهِيًا ، وَالْآخَرُ
nindex.php?page=treesubj&link=23310إِذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ .
وَشَذَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ : مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ أَوْ لِأَمْرٍ كَبِيرٍ ، فَإِنَّهُ يَبْنِي ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ
مَالِكٍ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23310التَّكَلُّمَ عَمْدًا عَلَى جِهَةِ الْإِصْلَاحِ لَا يُفْسِدُهَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ كَيْفَ كَانَ إِلَّا مَعَ النِّسْيَانِ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ كَيْفَ كَانَ .
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ : تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُتَقَدِّمَةَ تَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْكَلَامِ عَلَى الْعُمُومِ ، وَحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَشْهُورَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005802أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ : أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ " ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ ، وَأَنَّهُمْ بَنَوْا بَعْدَ التَّكَلُّمِ ،
[ ص: 103 ] وَلَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ التَّكَلُّمُ صَلَاتَهُمْ ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا الظَّاهِرِ ، وَرَأَى أَنَّ هَذَا شَيْءٌ يَخُصُّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ اسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قَصُرَتْ ، وَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ تَمَّتْ ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ تَكَلَّمُوا بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005803مَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَمَا نَسِيتُ " قَالَ : إِنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ إِجَازَةُ الْكَلَامِ لِغَيْرِ الْعَامِدِ ، فَإِذًا السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ اعْتَمَدَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَصْلًا عَامًّا ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005804رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ " وَأَمَّا
أَبُو حَنِيفَةَ فَحَمَلَ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَلَى عُمُومِهَا ، وَرَأَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِحَدِيثِ
ذِي الْيَدَيْنِ وَأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهَا .