الجملة الثانية
[ في معرفة ما تجب فيه من الأموال ]
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=2690_2691_2693_2711_2762_2774ما تجب فيه الزكاة من الأموال : فإنهم اتفقوا منها على أشياء واختلفوا في أشياء .
وأما ما اتفقوا عليه فصنفان من المعدن : الذهب والفضة اللتين ليستا بحلي ، وثلاثة أصناف من الحيوان : الإبل والبقر والغنم ، وصنفان من الحبوب : الحنطة والشعير ، وصنفان من الثمر : التمر والزبيب ، وفي الزيت خلاف شاذ .
واختلفوا ؛ أما من الذهب ففي الحلي فقط ، وذلك أنه ذهب فقهاء الحجاز
مالك والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أنه لا زكاة فيه إذا أريد للزينة واللباس وقال
أبو حنيفة وأصحابه : فيه الزكاة .
والسبب في اختلافهم : تردد شبهه بين العروض وبين التبر والفضة اللتين المقصود منهما المعاملة في جميع الأشياء ، فمن شبهه بالعروض التي المقصود منها المنافع أولا قال : ليس فيه زكاة ، ومن شبهه بالتبر والفضة التي المقصود منها المعاملة بها أولا قال : فيه الزكاة .
ولاختلافهم أيضا سبب آخر وهو اختلاف الآثار في ذلك ، وذلك أنه روى
جابر عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : "
ليس في الحلي زكاة " . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006123أن امرأة أتت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها ، وفي يد ابنتها مسك من ذهب ، فقال لها : أتؤدين زكاة هذا ؟ قالت : لا ، قال : أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟ فخلعتهما وألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت : هما لله ورسوله " . والأثران ضعيفان ، وبخاصة حديث
جابر .
ولكون السبب الأملك لاختلافهم تردد
nindex.php?page=treesubj&link=2697الحلي المتخذ للباس بين التبر والفضة اللذين المقصود منهما أولا المعاملة لا الانتفاع ، وبين العروض المقصود منها التي بالوضع الأول خلاف المقصود من التبر والفضة - أعني : الانتفاع بها لا المعاملة ، وأعني بالمعاملة : كونها ثمنا .
واختلف قول
مالك في
nindex.php?page=treesubj&link=2697الحلي المتخذ للكراء : فمرة شبهه بالحلي المتخذ من اللباس ، ومرة شبهه بالتبر المتخذ للمعاملة .
وأما ما اختلفوا فيه من الحيوان : فمنه ما اختلفوا في نوعه ، ومنه ما اختلفوا في صنفه .
وأما ما اختلفوا في نوعه : فالخيل ، وذلك أن الجمهور على أن
nindex.php?page=treesubj&link=2796لا زكاة في الخيل ، فذهب
أبو حنيفة إلى أنها إذا كانت سائمة، وقصد بها النسل، أن فيها الزكاة - أعني : إذا كانت ذكرانا وإناثا - .
[ ص: 211 ] والسبب في اختلافهم : معارضة القياس للفظ ، وما يظن من معارضة اللفظ للفظ فيها .
أما اللفظ الذي يقتضي أن لا زكاة فيها فقوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006124ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " .
وأما القياس الذي عارض هذا العموم : فهو أن الخيل السائمة حيوان مقصود به النماء والنسل ، فأشبه الإبل والبقر .
وأما اللفظ الذي يظن أنه معارض لذلك العموم فهو قوله - عليه الصلاة والسلام - وقد ذكر الخيل : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006125ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها " .
فذهب
أبو حنيفة إلى أن حق الله هو الزكاة ، وذلك السائمة منها . قال القاضي : وأن يكون هذا اللفظ مجملا أحرى منه أن يكون عاما ، فيحتج به في الزكاة . وخالف
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة في هذه المسألة صاحباه
أبو يوسف ومحمد ، وصح عن
عمر - رضي الله - عنه أنه كان يأخذ منها الصدقة ، فقيل إنه كان باختيار منهم .
وأما ما اختلفوا في صنفه : فهي السائمة من الإبل والبقر والغنم من غير السائمة منها ، فإن قوما أوجبوا الزكاة في هذه الأصناف سائمة كانت أو غير سائمة ، وبه قال
الليث ومالك . وقال سائر فقهاء الأمصار : لا زكاة في غير السائمة من هذه الثلاثة أنواع .
وسبب اختلافهم : معارضة المطلق للمقيد ، ومعارضة القياس لعموم اللفظ .
أما المطلق : فقوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006126في أربعين شاة شاة " .
أما المقيد : فقوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006127في سائمة الغنم الزكاة " .
فمن غلب المطلق على المقيد قال :
nindex.php?page=treesubj&link=2710الزكاة في السائمة وغير السائمة ; ومن غلب المقيد قال : الزكاة في السائمة منها فقط .
ويشبه أن يقال : إن من سبب الخلاف في ذلك أيضا معارضة دليل الخطاب للعموم ، وذلك أن دليل الخطاب في قوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006127في سائمة الغنم الزكاة " يقتضي أن لا زكاة في غير السائمة ، وعموم قوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006126في أربعين شاة شاة " يقتضي أن السائمة في هذا بمنزلة غير السائمة ، لكن العموم أقوى من دليل الخطاب ، كما أن تغليب المقيد على المطلق أشهر من تغليب المطلق على المقيد . وذهب أبو محمد بن حزم إلى أن المطلق يقضي على المقيد ، وأن في الغنم سائمة وغير سائمة الزكاة ، وكذلك في الإبل لقوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006128ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة " . وأن البقر لما لم يثبت فيها أثر وجب أن يتمسك فيها بالإجماع ، وهو أن الزكاة في السائمة منها فقط ، فتكون التفرقة بين البقر وغيرها قولا ثالثا .
وأما القياس المعارض لعموم قوله - عليه الصلاة والسلام - فيها : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006126في أربعين شاة شاة " فهو أن السائمة هي التي المقصود منها النماء والربح ، وهو الموجود فيها أكثر ذلك ، والزكاة إنما هي فضلات الأموال ، والفضلات إنما توجد أكثر ذلك في الأموال السائمة ، ولذلك اشترط فيها الحول ، فمن خصص بهذا القياس ذلك العموم لم يوجب الزكاة في غير السائمة ، ومن لم يخصص ذلك ورأى أن العموم أقوى أوجب ذلك في الصنفين جميعا . فهذا هو ما اختلفوا فيه من الحيوان التي تجب فيه الزكاة .
[ ص: 212 ] وأجمعوا على أنه ليس فيما يخرج من الحيوان زكاة إلا
nindex.php?page=treesubj&link=2955العسل ، فإنهم اختلفوا فيه ، فالجمهور على أنه لا زكاة فيه ، وقال قوم : فيه الزكاة .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في تصحيح الأثر الوارد في ذلك ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006129في كل عشرة أزق زق " خرجه الترمذي وغيره .
وأما ما اختلفوا فيه من النبات بعد اتفاقهم على الأصناف الأربعة التي ذكرناها : فهو
nindex.php?page=treesubj&link=22779جنس النبات الذي تجب فيه الزكاة ، فمنهم من لم ير الزكاة إلا في تلك الأربع فقط ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك . ومنهم من قال : الزكاة في جميع المدخر المقتات من النبات ، وهو قول
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . ومنهم من قال : الزكاة في كل ما تخرجه الأرض ما عدا الحشيش والحطب والقصب ، وهو
أبو حنيفة .
وسبب الخلاف : إما بين من قصر الزكاة على الأصناف المجمع عليها ، وبين من عداها إلى المدخر المقتات ، فهو اختلافهم في تعلق الزكاة بهذه الأصناف الأربعة هل هو لعينها أو لعلة فيها - وهي الاقتيات - : فمن قال لعينها قصر الوجوب عليها ، ومن قال لعلة الاقتيات عدى الوجوب لجميع المقتات .
وسبب الخلاف بين من قصر الوجوب على المقتات وبين من عداه إلى جميع ما تخرجه الأرض إلا ما وقع عليه الإجماع من الحشيش والحطب والقصب هو معارضة القياس لعموم اللفظ :
أما اللفظ الذي يقتضي العموم فهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006130فيما سقت السماء العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر " . و ( ما ) بمعنى الذي ، و ( الذي ) من ألفاظ العموم ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وهو الذي أنشأ جنات معروشات ) الآية . إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وآتوا حقه يوم حصاده ) .
وأما القياس : فهو أن الزكاة إنما المقصود منها سد الخلة ، وذلك لا يكون غالبا إلا فيما هو قوت ، فمن خصص العموم بهذا القياس أسقط الزكاة مما عدا المقتات ، ومن غلب العموم أوجبها فيما عدا ذلك ، إلا ما أخرجه الإجماع .
والذين اتفقوا على المقتات اختلفوا في أشياء من قبل اختلافهم فيها ، هل هي مقتاتة أم ليست بمقتاتة ؟ وهل يقاس على ما اتفق عليه أو ليس يقاس ؟ مثل اختلاف
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في الزيتون ، فإن
مالكا ذهب إلى وجوب الزكاة فيه ، ومنع ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في قوله الأخير بمصر .
وسبب اختلافهم : هل هو قوت أم ليس بقوت ؟
ومن هذا الباب اختلاف أصحاب
مالك في إيجاب الزكاة في التين أو لا إيجابها . وذهب بعضهم إلى أن الزكاة تجب في الثمار دون الخضر ، وهو قول
ابن حبيب لقوله - سبحانه وتعالى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ) الآية ، ومن فرق في الآية بين الثمار والزيتون فلا وجه لقوله إلا وجه ضعيف .
واتفقوا على أن لا زكاة في العروض التي لم يقصد بها التجارة ، واختلفوا في : أتجب الزكاة فيما اتخذ منها للتجارة ؟ فذهب فقهاء الأمصار إلى وجوب ذلك ، ومنع ذلك أهل الظاهر .
والسبب في اختلافهم : اختلافهم في وجوب الزكاة بالقياس ، واختلافهم في تصحيح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب أنه قال : "
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع " . وفيما روي عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : "
أد زكاة البر " .
[ ص: 213 ] وأما القياس الذي اعتمده الجمهور : فهو أن العروض المتخذة للتجارة مال مقصود به التنمية ، فأشبه الأجناس التي فيها الزكاة باتفاق - أعني : الحرث والماشية والذهب والفضة - . وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أن زكاة العروض ثابتة عن
عمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ولا مخالف لهما من الصحابة ، وبعضهم يرى أن مثل هذا هو إجماع من الصحابة - أعني : إذا نقل عن واحد منهم قول ولم ينقل عن غيره خلافه - ، وفيه ضعف .
الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ
[ فِي مَعْرِفَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ ]
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=2690_2691_2693_2711_2762_2774مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ : فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا مِنْهَا عَلَى أَشْيَاءَ وَاخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ .
وَأَمَّا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَصِنْفَانِ مِنَ الْمَعْدِنِ : الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اللَّتَيْنِ لَيْسَتَا بِحُلِيٍّ ، وَثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مِنَ الْحَيَوَانِ : الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ، وَصِنْفَانِ مِنَ الْحُبُوبِ : الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ ، وَصِنْفَانِ مِنَ الثَّمَرِ : التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ ، وَفِي الزَّيْتِ خِلَافٌ شَاذٌّ .
وَاخْتَلَفُوا ؛ أَمَّا مِنَ الذَّهَبِ فَفِي الْحُلِيِّ فَقَطْ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ
مَالِكٌ وَاللَّيْثُ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ إِذَا أُرِيدَ لِلزِّينَةِ وَاللِّبَاسِ وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : فِيهِ الزَّكَاةُ .
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ : تَرَدَّدُ شَبَهِهِ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَبَيْنَ التِّبْرِ وَالْفِضَّةِ اللَّتَيْنِ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا الْمُعَامَلَةُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، فَمَنْ شَبَّهَهُ بِالْعُرُوضِ الَّتِي الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَنَافِعُ أَوَّلًا قَالَ : لَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ ، وَمَنْ شَبَّهَهُ بِالتِّبْرِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمُعَامَلَةُ بِهَا أَوَّلًا قَالَ : فِيهِ الزَّكَاةُ .
وَلِاخْتِلَافِهِمْ أَيْضًا سَبَبٌ آخَرُ وَهُوَ اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى
جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ : "
لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ " . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006123أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا ، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ لَهَا : أَتُؤَدِّينَ زَكَاةَ هَذَا ؟ قَالَتْ : لَا ، قَالَ : أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ ؟ فَخَلَعَتْهُمَا وَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ : هُمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ " . وَالْأَثَرَانِ ضَعِيفَانِ ، وَبِخَاصَّةٍ حَدِيثُ
جَابِرٍ .
وَلِكَوْنِ السَّبَبِ الْأَمْلَكِ لِاخْتِلَافِهِمْ تَرَدُّدُ
nindex.php?page=treesubj&link=2697الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِلِّبَاسِ بَيْنَ التِّبْرِ وَالْفِضَّةِ اللَّذَيْنِ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا أَوَّلًا الْمُعَامَلَةُ لَا الِانْتِفَاعُ ، وَبَيْنَ الْعُرُوضِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا الَّتِي بِالْوَضْعِ الْأَوَّلِ خِلَافُ الْمَقْصُودِ مِنَ التِّبْرِ وَالْفِضَّةِ - أَعْنِي : الِانْتِفَاعَ بِهَا لَا الْمُعَامَلَةَ ، وَأَعْنِي بِالْمُعَامَلَةِ : كَوْنَهَا ثَمَنًا .
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ
مَالِكٍ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=2697الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِلْكِرَاءِ : فَمَرَّةً شَبَّهَهُ بِالْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ مِنَ اللِّبَاسِ ، وَمَرَّةً شَبَّهَهُ بِالتِّبْرِ الْمُتَّخَذِ لِلْمُعَامَلَةِ .
وَأَمَّا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَيَوَانِ : فَمِنْهُ مَا اخْتَلَفُوا فِي نَوْعِهِ ، وَمِنْهُ مَا اخْتَلَفُوا فِي صِنْفِهِ .
وَأَمَّا مَا اخْتَلَفُوا فِي نَوْعِهِ : فَالْخَيْلُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2796لَا زَكَاةَ فِي الْخَيْلِ ، فَذَهَبَ
أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ سَائِمَةً، وَقَصَدَ بِهَا النَّسْلَ، أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ - أَعْنِي : إِذَا كَانَتْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا - .
[ ص: 211 ] وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ : مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلَّفْظِ ، وَمَا يُظَنُّ مِنْ مُعَارَضَةِ اللَّفْظِ لِلَّفْظِ فِيهَا .
أَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي يَقْتَضِي أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهَا فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006124لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ " .
وَأَمَّا الْقِيَاسُ الَّذِي عَارَضَ هَذَا الْعُمُومَ : فَهُوَ أَنَّ الْخَيْلَ السَّائِمَةَ حَيَوَانٌ مَقْصُودٌ بِهِ النَّمَاءُ وَالنَّسْلُ ، فَأَشْبَهَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ .
وَأَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي يُظَنُّ أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِذَلِكَ الْعُمُومِ فَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَدْ ذَكَرَ الْخَيْلَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006125وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا " .
فَذَهَبَ
أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ حَقَّ اللَّهِ هُوَ الزَّكَاةُ ، وَذَلِكَ السَّائِمَةُ مِنْهَا . قَالَ الْقَاضِي : وَأَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّفْظُ مُجْمَلًا أَحْرَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا ، فَيُحْتَجُّ بِهِ فِي الزَّكَاةِ . وَخَالَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبَا حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صَاحَبَاهُ
أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ، وَصَحَّ عَنْ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ - عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْهَا الصَّدَقَةَ ، فَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُمْ .
وَأَمَّا مَا اخْتَلَفُوا فِي صِنْفِهِ : فَهِيَ السَّائِمَةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مِنْ غَيْرِ السَّائِمَةِ مِنْهَا ، فَإِنَّ قَوْمًا أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَصْنَافِ سَائِمَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ سَائِمَةٍ ، وَبِهِ قَالَ
اللَّيْثُ وَمَالِكٌ . وَقَالَ سَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ : لَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْوَاعٍ .
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ : مُعَارَضَةُ الْمُطْلَقِ لِلْمُقَيِّدِ ، وَمُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ .
أَمَّا الْمُطْلَقُ : فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006126فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ " .
أَمَّا الْمُقَيِّدُ : فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006127فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ " .
فَمَنْ غَلَّبَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=2710الزَّكَاةُ فِي السَّائِمَةِ وَغَيْرِ السَّائِمَةِ ; وَمَنْ غَلَّبَ الْمُقَيَّدَ قَالَ : الزَّكَاةُ فِي السَّائِمَةِ مِنْهَا فَقَطْ .
وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ مِنْ سَبَبِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مُعَارَضَةَ دَلِيلِ الْخِطَابِ لِلْعُمُومِ ، وَذَلِكَ أَنَّ دَلِيلَ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006127فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ " يَقْتَضِي أَنْ لَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ ، وَعُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006126فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ " يَقْتَضِي أَنَّ السَّائِمَةَ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةُ غَيْرِ السَّائِمَةِ ، لَكِنَّ الْعُمُومَ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ ، كَمَا أَنَّ تَغْلِيبَ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ أَشْهَرُ مِنْ تَغْلِيبِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ . وَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ إِلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ يَقْضِي عَلَى الْمُقَيَّدِ ، وَأَنَّ فِي الْغَنَمِ سَائِمَةٍ وَغَيْرِ سَائِمَةٍ الزَّكَاةَ ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِبِلِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006128لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ " . وَأَنَّ الْبَقَرَ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا أَثَرٌ وَجَبَ أَنْ يُتَمَسَّكَ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ ، وَهُوَ أَنَّ الزَّكَاةَ فِي السَّائِمَةِ مِنْهَا فَقَطْ ، فَتَكُونُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْبَقْرِ وَغَيْرِهَا قَوْلًا ثَالِثًا .
وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006126فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ " فَهُوَ أَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي الْمَقْصُودُ مِنْهَا النَّمَاءُ وَالرِّبْحُ ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِيهَا أَكْثَرُ ذَلِكَ ، وَالزَّكَاةُ إِنَّمَا هِيَ فَضَلَاتُ الْأَمْوَالِ ، وَالْفَضَلَاتُ إِنَّمَا تُوجَدُ أَكْثَرَ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ السَّائِمَةِ ، وَلِذَلِكَ اشْتُرِطَ فِيهَا الْحَوْلُ ، فَمَنْ خَصَّصَ بِهَذَا الْقِيَاسِ ذَلِكَ الْعُمُومَ لَمْ يُوجِبِ الزَّكَاةَ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُخَصِّصْ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ الْعُمُومَ أَقْوَى أَوْجَبَ ذَلِكَ فِي الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا . فَهَذَا هُوَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَيَوَانِ الَّتِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ .
[ ص: 212 ] وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَيَوَانِ زَكَاةٌ إِلَّا
nindex.php?page=treesubj&link=2955الْعَسَلُ ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ ، وَقَالَ قَوْمٌ : فِيهِ الزَّكَاةُ .
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمُ : اخْتِلَافُهُمْ فِي تَصْحِيحِ الْأَثَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006129فِي كُلِّ عَشْرَةِ أَزِقٍّ زِقٌّ " خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَأَمَّا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ النَّبَاتِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا : فَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=22779جِنْسُ النَّبَاتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ الزَّكَاةَ إِلَّا فِي تِلْكَ الْأَرْبَعِ فَقَطْ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى nindex.php?page=showalam&ids=16004وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنُ الْمُبَارَكِ . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّخَرِ الْمُقْتَاتِ مِنَ النَّبَاتِ ، وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ مَا عَدَا الْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ وَالْقَصَبَ ، وَهُوَ
أَبُو حَنِيفَةَ .
وَسَبَبُ الْخِلَافِ : إِمَّا بَيْنَ مَنْ قَصَرَ الزَّكَاةَ عَلَى الْأَصْنَافِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا ، وَبَيْنَ مَنْ عَدَّاهَا إِلَى الْمُدَّخَرِ الْمُقْتَاتِ ، فَهُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهَذِهِ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ هَلْ هُوَ لِعَيْنِهَا أَوْ لِعِلَّةٍ فِيهَا - وَهِيَ الِاقْتِيَاتُ - : فَمَنْ قَالَ لِعَيْنِهَا قَصَرَ الْوُجُوبَ عَلَيْهَا ، وَمَنْ قَالَ لِعِلَّةِ الِاقْتِيَاتِ عَدَّى الْوُجُوبَ لِجَمِيعِ الْمُقْتَاتِ .
وَسَبَبُ الْخِلَافِ بَيْنَ مَنْ قَصَرَ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُقْتَاتِ وَبَيْنَ مَنْ عَدَّاهُ إِلَى جَمِيعِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ إِلَّا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ مِنَ الْحَشِيشِ وَالْحَطَبِ وَالْقَصَبِ هُوَ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ :
أَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006130فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرَ ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ " . وَ ( مَا ) بِمَعْنَى الَّذِي ، وَ ( الَّذِي ) مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ ) الْآيَةَ . إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) .
وَأَمَّا الْقِيَاسُ : فَهُوَ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا سَدُّ الْخَلَّةِ ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ غَالِبًا إِلَّا فِيمَا هُوَ قُوتٌ ، فَمَنْ خَصَّصَ الْعُمُومَ بِهَذَا الْقِيَاسِ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ مِمَّا عَدَا الْمُقْتَاتِ ، وَمَنْ غَلَّبَ الْعُمُومَ أَوْجَبَهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ ، إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الْإِجْمَاعُ .
وَالَّذِينَ اتَّفَقُوا عَلَى الْمُقْتَاتِ اخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ مِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِهِمْ فِيهَا ، هَلْ هِيَ مُقْتَاتَةٌ أَمْ لَيْسَتْ بِمُقْتَاتَةٍ ؟ وَهَلْ يُقَاسُ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ يُقَاسُ ؟ مِثْلُ اخْتِلَافِ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ فِي الزَّيْتُونِ ، فَإِنَّ
مَالِكًا ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ ، وَمَنَعَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ بِمِصْرَ .
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ : هَلْ هُوَ قُوتٌ أَمْ لَيْسَ بِقُوتٍ ؟
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ
مَالِكٍ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي التِّينِ أَوْ لَا إِيجَابِهَا . وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الثِّمَارِ دُونَ الْخُضَرِ ، وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ حَبِيبٍ لِقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ ) الْآيَةَ ، وَمَنْ فَرَّقَ فِي الْآيَةِ بَيْنَ الثِّمَارِ وَالزَّيْتُونِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ إِلَّا وَجْهٌ ضَعِيفٌ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ الَّتِي لَمْ يُقْصَدْ بِهَا التِّجَارَةُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي : أَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا اتُّخِذَ مِنْهَا لِلتِّجَارَةِ ؟ فَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ إِلَى وُجُوبِ ذَلِكَ ، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ .
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ : اخْتِلَافُهُمْ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِالْقِيَاسِ ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي تَصْحِيحِ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=24سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ قَالَ : "
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِمَّا نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ " . وَفِيمَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ : "
أَدِّ زَكَاةَ الْبُرِّ " .
[ ص: 213 ] وَأَمَّا الْقِيَاسُ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْجُمْهُورُ : فَهُوَ أَنَّ الْعُرُوضَ الْمُتَّخَذَةَ لِلتِّجَارَةِ مَالٌ مَقْصُودٌ بِهِ التَّنْمِيَةُ ، فَأَشْبَهَ الْأَجْنَاسَ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ بِاتِّفَاقٍ - أَعْنِي : الْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ وَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ - . وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ أَنَّ زَكَاةَ الْعُرُوضِ ثَابِتَةٌ عَنْ
عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَبَعْضُهُمْ يَرَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا هُوَ إِجْمَاعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - أَعْنِي : إِذَا نُقِلَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَوْلٌ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافُهُ - ، وَفِيهِ ضَعْفٌ .