[ ص: 170 ] [ ص: 171 ] النوع الثالث
في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها
ويحتوي على مسائل
المسألة الأولى
ثبت في الأصول أن
nindex.php?page=treesubj&link=20715شرط التكليف أو سببه القدرة على المكلف به ، فما لا قدرة للمكلف عليه لا يصح التكليف به شرعا وإن جاز عقلا ، ولا معنى لبيان ذلك هاهنا; فإن الأصوليين قد تكفلوا بهذه الوظيفة ، ولكن نبني عليها ونقول : إذا ظهر من الشارع في بادئ الرأي القصد إلى التكليف بما لا يدخل تحت قدرة العبد فذلك راجع في التحقيق إلى سوابقه أو لواحقه أو قرائنه;
[ ص: 172 ] فقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون [ البقرة : 132 ] ، وقوله في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337488كن عبد الله المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل ، وقوله : " لا تمت
[ ص: 173 ] وأنت ظالم " ، وما كان نحو ذلك ليس المطلوب منه إلا ما يدخل تحت القدرة ، وهو الإسلام ، وترك الظلم ، والكف عن القتل ، والتسليم لأمر الله ، وكذلك سائر ما كان من هذا القبيل .
ومنه ما جاء في
حديث أبي طلحة حيث ترس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وكان عليه الصلاة والسلام يتطلع ليرى القوم ، فيقول له أبو طلحة : لا [ ص: 174 ] تشرف يا رسول الله ، لا يصيبوك الحديث; فقوله : " لا يصيبوك " من هذا القبيل .
[ ص: 170 ] [ ص: 171 ] النَّوْعُ الثَّالِثُ
فِي بَيَانِ قَصْدِ الشَّارِعِ فِي وَضْعِ الشَّرِيعَةِ لِلتَّكْلِيفِ بِمُقْتَضَاهَا
وَيَحْتَوِي عَلَى مَسَائِلَ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى
ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20715شَرْطَ التَّكْلِيفِ أَوْ سَبَبَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِهِ ، فَمَا لَا قُدْرَةَ لِلْمُكَلَّفِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّكْلِيفُ بِهِ شَرْعًا وَإِنْ جَازَ عَقْلًا ، وَلَا مَعْنًى لِبَيَانِ ذَلِكَ هَاهُنَا; فَإِنَّ الْأُصُولِيِّينَ قَدْ تَكَفَّلُوا بِهَذِهِ الْوَظِيفَةِ ، وَلَكِنْ نَبْنِي عَلَيْهَا وَنَقُولُ : إِذَا ظَهَرَ مِنَ الشَّارِعِ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ الْقَصْدُ إِلَى التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَةِ الْعَبْدِ فَذَلِكَ رَاجِعٌ فِي التَّحْقِيقِ إِلَى سَوَابِقِهِ أَوْ لَوَاحِقِهِ أَوْ قَرَائِنِهِ;
[ ص: 172 ] فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [ الْبَقَرَةِ : 132 ] ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337488كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ ، وَقَوْلُهُ : " لَا تَمُتْ
[ ص: 173 ] وَأَنْتَ ظَالِمٌ " ، وَمَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ لَيْسَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ إِلَّا مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ ، وَتَرْكُ الظُّلْمِ ، وَالْكَفُّ عَنِ الْقَتْلِ ، وَالتَّسْلِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ .
وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي
حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ حَيْثُ تَرَّسَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَتَطَلَّعُ لِيَرَى الْقَوْمَ ، فَيَقُولُ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ : لَا [ ص: 174 ] تُشْرِفْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَا يُصِيبُوكَ الْحَدِيثَ; فَقَوْلُهُ : " لَا يُصِيبُوكَ " مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ .