الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما ألفاظهم في الجرح فهي أيضا على مراتب :

( أولاها ) : قولهم : " لين الحديث " . قال ابن أبي حاتم : إذا أجابوا في الرجل " بلين الحديث " ، فهو ممن يكتب حديثه ، وينظر فيه اعتبارا .

قلت : وسأل حمزة بن يوسف السهمي أبا الحسن الدارقطني الإمام ، فقال له : إذا قلت : " فلان لين " أيش تريد به ؟ قال : لا يكون ساقطا متروك الحديث ، ولكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة .

( الثانية ) : قال ابن أبي حاتم : إذا قالوا : " ليس بقوي " فهو بمنزلة الأول في كتب حديثه ، إلا أنه دونه .

( الثالثة ) : قال : إذا قالوا : " ضعيف الحديث " فهو دون الثاني ، لا يطرح حديثه ، بل يعتبر به .

[ ص: 126 ] ( الرابعة ) : قال : إذا قالوا " متروك الحديث " ، أو ذاهب الحديث ، أو كذاب " فهو ساقط الحديث ، لا يكتب حديثه ، وهي المنزلة الرابعة .

قال الخطيب أبو بكر : أرفع العبارات في أحوال الرواة أن يقال : " حجة أو ثقة " ، وأدونها أن يقال : " كذاب ، ساقط " .

أخبرنا أبو بكر بن عبد المنعم الصاعدي الفراوي قراءة عليه بنيسابور أنا محمد بن إسماعيل الفارسي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين [ ص: 127 ] البيهقي الحافظ ، أنا الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يعقوب بن سفيان ، قال : سمعت أحمد بن صالح قال : لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه . قد يقال : " فلان ضعيف " ، فأما أن يقال : " فلان متروك " فلا ، إلا أن يجمع الجميع على ترك حديثه .

ومما لم يشرحه ابن أبي حاتم وغيره من الألفاظ المستعملة في هذا الباب قولهم : " فلان قد روى الناس عنه ، فلان وسط ، فلان مقارب الحديث ، فلان مضطرب الحديث ، فلان لا يحتج به ، فلان مجهول ، فلان لا شيء ، فلان ليس بذاك " وربما قيل " ليس بذاك القوي " ، " فلان فيه أو في حديثه ضعف " ، وهو في الجرح أقل من قولهم : " فلان ضعيف الحديث " ، " فلان ما أعلم به بأسا " ، وهو في التعبير دون قولهم : " لا بأس به " وما من لفظة منها ومن أشباهها إلا ولها نظير شرحناه ، أو أصل أصلناه ، يتنبه إن شاء الله تعالى به عليها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية