الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
رابعا: الضعف الفكري والتفكك الاجتماعي

لقد أصيب المجتمع الإسلامي بالضعف الفكري، والتفكك الاجتماعي، وذاق من جراء تلك الإصابة مرارة التأخر، والضعف الفكري، ما أصيبت به أمة من الأمم، أو مجتمع من المجتمعات، إلا كانت الحالة، انحطاطا في التفكير، واهتماما بالخرافات والأساطير.

والتفكك الاجتماعي نتيجة حتمية للضعف الفكري، لأن الضعف الفكري لا يكشف للإنسان مخاطر الانزلاق في الهاوية، ولهذا نجد أن المجتمعات الإسلامية، ابتليت بالطوائف المتعددة والمتناحرة، والمذهبية التعصبية، وتعدد السلطنات والدويلات، التي قامت على أساس شعوبي أو مذهبي، في هـذا المجتمع أو ذاك.

وهكذا كله جر المجتمع الإسلامي إلى فوضى قاتلة، وتناحر حقيقي، ونهب وقتل، دون رادع أو وازع، ومجتمعا كهذا لا بد وأن يتعرض لسيطرة المتربصين به. لقد كانت السلطة السياسية في المجتمعات الإسلامية تعيش في وضع مقلوب، وفي ذلك الوضع لا بد أن تكتمل الصورة المقيتة لأي إمبراطورية على وشك السقوط، بغض النظر عن اللافتة التي ترفعها، سواء كانت إمبراطورية فارسية، أو بيزنطية، [ ص: 57 ] أو رومانية، أو عباسية. لابد أن تتفشى الرشوة، وتكثر مصادرة الأموال، وتتفاقم الاضطرابات الداخلية، مع الانحلال الخلقي، والانشغال بالتوافه عن الخطر الذي يدق الأبواب. [1] .

وأساس انهيار الأمم، يبدأ من الداخل، وقد يأتي تدخل خارجي ليعجل بالسقوط. ولكن يظل الانهيار الداخلي هـو بداية النهاية وعاملها الأكبر، ويأتي الانهيار الداخلي حين تتكون طبقة مترفة تتحكم في الثروة، وفي الجماهير، فتنشر الظلم، والانحلال، وتحيل حياة الأكثرية إلى جحيم تهون فيه الحياة. [2]

لا شك أن الأمة الإسلامية عاشت فترات من حياتها، كانت سببا في تأخرها وغفلتها، وطمع الطامعين في مجتمعاتها.

وأي أمة تضعف في أفكارها، ولا تعرف إلا القشور من أمرها، وتعيش في تناحر وتمزق، لا بد وأن تسقط، وينال منها من كان يهابها.

التالي السابق


الخدمات العلمية