الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) الآية [ 52 ] .

                                                                                                                                                                  431 - أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر قال : أخبرنا زاهر بن أحمد قال : أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال : حدثنا يحيى بن حكيم قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه عن سعد قال : نزلت هذه الآية فينا ستة : في ، وفي ابن مسعود ، وصهيب ، وعمار ، والمقداد ، وبلال ؛ قالت قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنا لا نرضى أن نكون أتباعا لهؤلاء فاطردهم [ عنك ] ، فدخل قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ما شاء الله أن يدخل ، فأنزل الله تعالى عليه : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) الآية . رواه مسلم ، عن زهير بن حرب ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن المقدام .

                                                                                                                                                                  [ ص: 113 ] 432 - أخبرنا أبو عبد الرحمن قال : أخبرنا أبو بكر بن [ أبي ] زكريا الشيباني قال : أخبرنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن قال : حدثنا أبو صالح الحسين بن الفرج قال : حدثنا محمد بن مقاتل المروزي قال : حدثنا حكيم بن زيد قال : حدثنا السدي ، عن أبي سعيد ، عن أبي الكنود ، عن خباب بن الأرت قال : فينا نزلت ، كنا ضعفاء عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغداة والعشي ، فعلمنا القرآن والخير ، وكان يخوفنا بالجنة والنار ، وما ينفعنا ، وبالموت والبعث ؛ فجاء الأقرع بن حابس التميمي ، وعيينة بن حصن الفزاري ؛ فقالا : إنا من أشراف قومنا وإنا نكره أن يرونا معهم فاطردهم إذا جالسناك . قال : " نعم " ، قالوا : لا نرضى حتى نكتب بيننا كتابا ، فأتى بأديم ودواة ، فنزلت هؤلاء الآيات : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) إلى قوله تعالى : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ) .

                                                                                                                                                                  433 - أخبرنا أبو بكر الحارثي قال : أخبرنا أبو محمد بن حيان قال : حدثنا أبو يحيى الرازي قال : حدثنا سهل بن عثمان قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن أشعث ، عن كردوس ، عن ابن مسعود قال : مر الملأ من قريش على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده خباب بن الأرت ، وصهيب وبلال ، وعمار ، قالوا : يا محمد رضيت بهؤلاء ؟ أتريد أن نكون تبعا لهؤلاء ؟ فأنزل الله تعالى : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم )

                                                                                                                                                                  434 - وبهذا الإسناد قال : حدثنا عبيد الله ، عن [ أبي ] جعفر ، عن الربيع قال : كان رجال يسبقون إلى مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنهم بلال ، وعمار ، وصهيب ، وسلمان ، فيجيء أشراف قومه وسادتهم ، وقد أخذ هؤلاء المجلس فيجلسون إليه . فقالوا : صهيب رومي ، وسلمان فارسي ، وبلال حبشي ؛ يجلسون عنده ونحن نجيء ونجلس ناحية ! وذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا : إنا سادة قومك وأشرافهم ، فلو أدنيتنا منك إذا جئنا . فهم أن يفعل ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .

                                                                                                                                                                  434 م - وقال عكرمة : جاء عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومطعم بن عدي ، والحارث بن نوفل ، في أشراف بني عبد مناف من أهل الكفر ، إلى أبي طالب ، فقالوا : لو أن ابن أخيك محمدا يطرد عنه موالينا ، وعبيدنا ، وعسفاءنا - كان أعظم في صدورنا ، وأطوع له عندنا ، وأدنى لاتباعنا إياه ، وتصديقنا له . فأتى أبو طالب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فحدثه بالذي كلموه ، فقال عمر بن الخطاب : لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون ؟ وإلام يصيرون من قولهم ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية . فلما نزلت أقبل عمر بن الخطاب يعتذر من مقالته .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية