الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بلغ ]

                                                          بلغ : بلغ الشيء يبلغ بلوغا وبلاغا : وصل وانتهى ، وأبلغه هو إبلاغا وبلغه تبليغا ، وقول أبي قيس بن الأسلت السلمي :


                                                          قالت ، ولم تقصد لقيل الخنى : مهلا ! فقد أبلغت أسماعي .



                                                          إنما هو من ذلك أي قد انتهيت فيه وأنعمت . وتبلغ بالشيء : وصل إلى مراده ، وبلغ مبلغ فلان ومبلغته . وفي حديث الاستسقاء : واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين ، البلاغ : ما يتبلغ به ويتوصل إلى الشيء المطلوب . والبلاغ : ما بلغك . والبلاغ : الكفاية ، ومنه قول الراجز :


                                                          تزج من دنياك بالبلاغ     وباكر المعدة بالدباغ .



                                                          وتقول : له في هذا بلاغ وبلغة وتبلغ أي كفاية ، وبلغت الرسالة . والبلاغ : الإبلاغ . وفي التنزيل العزيز : إلا بلاغا من الله ورسالاته ; أي لا أجد منجى إلا أن أبلغ عن الله ما أرسلت به . والإبلاغ : الإيصال ، وكذلك التبليغ ، والاسم منه البلاغ ، وبلغت الرسال . التهذيب : يقال : بلغت القوم بلاغا ، اسم يقوم مقام التبليغ . وفي الحديث : كل رافعة رفعت عنا من البلاغ فليبلغ عنا ، يروى بفتح الباء وكسرها ، وقيل : أراد من المبلغين ، وأبلغته وبلغته بمعنى واحد ، وإن كانت الرواية من البلاغ بفتح الباء فله وجهان : أحدهما أن البلاغ ما بلغ من القرآن والسنن ، والوجه الآخر من ذوي البلاغ أي الذين بلغونا يعني ذوي التبليغ ، فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقي كما تقول أعطيته عطاء ، وأما الكسر فقال الهروي : أراه من المبالغين في التبليغ ، بالغ يبالغ مبالغة وبلاغا إذا اجتهد في الأمر ، والمعنى في الحديث : كل جماعة أو نفس تبلغ عنا وتذيع ما نقوله فلتبلغ ولتحك . وأما قوله - عز وجل - : هذا بلاغ للناس ولينذروا به ; أي أنزلناه لينذر الناس به وبلغ الفارس إذا مد يده بعنان فرسه ليزيد في جريه . وبلغ الغلام : احتلم كأنه بلغ وقت الكتاب عليه والتكليف ، وكذلك بلغت الجارية . التهذيب : بلغ الصبي والجارية إذا أدركا ، وهما بالغان . وقال الشافعي في كتاب النكاح : جارية بالغ ، بغير هاء ، هكذا روى الأزهري عن عبد الملك عن الربيع عنه قال الأزهري : والشافعي فصيح حجة في اللغة ; قال : وسمعت فصحاء العرب يقولون جارية بالغ ، وهكذا قولهم : امرأة عاشق ولحية ناصل ; قال : ولو قال قائل جارية بالغة لم يكن خطأ لأنه الأصل . وبلغت المكان بلوغا : وصلت إليه وكذلك إذا شارفت عليه ، ومنه قوله تعالى : فإذا بلغن أجلهن ; أي قاربنه . وبلغ النبت : انتهى . وتبالغ الدباغ في الجلد : انتهى فيه ، عن أبي حنيفة . وبلغت النخلة وغيرها من الشجر : حان إدراك ثمرها ، عنه أيضا . وشيء بالغ أي جيد ، وقد بلغ في الجودة مبلغا . ويقال : أمر الله بلغ ، بالفتح ، أي بالغ من قوله تعالى : إن الله بالغ أمره . وأمر بالغ وبلغ : نافذ يبلغ أين أريد به ، قال الحارث بن حلزة :


                                                          فهداهم بالأسودين وأمر ال     له بلغ يشقى به الأشقياء .



                                                          وجيش بلغ كذلك . ويقال : اللهم سمع لا بلغ وسمع لا بلغ ، وقد ينصب كل ذلك فيقال : سمعا لا بلغا وسمعا لا بلغا ، وذلك إذا سمعت أمرا منكرا أي يسمع به ولا يبلغ . والعرب تقول للخبر يبلغ واحدهم ولا يحققونه : سمع لا بلغ ، أي نسمعه ولا يبلغنا . وأحمق بلغ وبلغ أي هو من حماقته يبلغ ما يريده ، وقيل : بالغ في الحمق ، وأتبعوا فقالوا : بلغ ملغ . وقوله تعالى : أم لكم أيمان علينا بالغة ; قال ثعلب : معناه موجبة أبدا قد حلفنا لكم أن نفي بها ، وقال مرة : أي قد انتهت إلى غايتها ، وقيل : يمين بالغة أي مؤكدة . والمبالغة : أن تبلغ في الأمر جهدك . ويقال : بلغ فلان أي جهد ، قال الراجز :


                                                          إن الضباب خضعت رقابها     للسيف ، لما بلغت أحسابها .



                                                          أي مجهودها وأحسابها شجاعتها وقوتها ومناقبها . وأمر بالغ : جيد . والبلاغة : الفصاحة . والبلغ والبلغ : البليغ من الرجال . ورجل بليغ وبلغ : حسن الكلام فصيحه يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه ، والجمع بلغاء ، وقد بلغ ، بالضم ، بلاغة أي صار بليغا . وقول بليغ : بالغ وقد بلغ . والبلاغات : كالوشايات . والبلغن : البلاغة ، عن السيرافي ومثل به سيبويه والبلغن أيضا : النمام ، عن كراع . والبلغن : الذي يبلغ للناس بعضهم حديث بعض . وتبلغ به مرضه : اشتد . وبلغ به البلغين ، بكسر الباء وفتح اللام وتخفيفها ، عن ابن [ ص: 144 ] الأعرابي ، إذا استقصى في شتمه وأذاه . والبلغين والبلغين الداهية : وفي الحديث : أن عائشة قالت لأمير المؤمنين علي - عليه السلام - حين أخذت يوم الجمل : قد بلغت منا البلغين ، معناه أن الحرب قد جهدتنا وبلغت منا كل مبلغ ، يروى بكسر الباء وضمها مع فتح اللام ، وهو مثل ، معناه بلغت منا كل مبلغ . وقال أبو عبيد في قولها قد بلغت منا البلغين : أنه مثل قولهم : لقيت منا البرحين والأقورين ، وكل هذا من الدواهي ، قال ابن الأثير : والأصل فيه كأنه قيل : خطب بلغ وبلغ ، أي بليغ ، وأمر برح وبرح أي مبرح ، ثم جمعا على السلامة إيذانا بأن الخطوب في شدة نكايتها بمنزلة العقلاء الذين لهم قصد وتعمد . وبالغ فلان في أمري إذا يقصر فيه . والبلغة : ما يتبلغ به من العيش ، زاد الأزهري : ولا فضل فيه . وتبلغ بكذا أي اكتفى به . وبلغ الشيب في رأسه : ظهر أول ما يظهر ، وقد ذكرت في العين المهملة أيضا ، قال : وزعم البصريون أن ابن الأعرابي صحف في نوادره فقال مكان بلع بلغ الشيب ، فلما قيل له : إنه تصحيف ; قال : بلع وبلغ . قال أبو بكر الصولي : وقرئ يوما على أبي العباس ثعلب وأنا حاضر هذا فقال : الذي أكتب بلغ ، كذا قال بالغين معجمة . والبالغاء : الأكارع في لغة أهل المدينة ، وهي بالفارسية بايها . والتبلغة : سير يدرج على السية حيث انتهى طرف الوتر ثلاث مرار أو أربعا لكي يثبت الوتر ، حكاه أبو حنيفة جعل التبلغة اسما كالتودية والتنهية ليس بمصدر ، فتفهمه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية