الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما نادى عليهم بالكذب في قوله : إن كنتم صادقين أثبت لغيرهم بقوله : بلى ما ادعوا الاختصاص به ، ثم بين أهل الجنة بقوله : من أسلم وجهه أي : كليته ، لأن الوجه أشرف ما ظهر من الإنسان ، فمن أسلمه أسلم كله ، كما أن "الإيمان" إذعان القلب الذي هو أشرف ما بطن وإذعانه إذعان جميع الأعضاء ; و "الإسلام" ; قال الحرالي : الإلقاء بما يكون من منة في باطن أو ظاهر ; و "الوجه " : مجتمع حواس الحيوان ، وأحسن ما في الموتان ، وهو ما عدا الحيوان ، وموقع الفتنة من الشيء الفتان ; وهو أول ما يحاول إبداؤه من الأشياء لذلك لله من أجل أنه الله الجامع للكمال .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ذكر الأجر لكل واحد بعينه أنص على المقصود وأنفى [ ص: 114 ] للتعنت ، أفرد الضمير فقال : وهو محسن في جانب الحق بإذعان القلب ، وفي جانب الخلق بما يرضي الرب ، فصار يعبد الله كأنه يراه ، فطابق سره علنه ، ولما نفوا الأجر عن غيرهم وأثبته سبحانه للمتصف بالإسلام منهم وممن سواهم وكان ربما قيل إنه أعطى غيرهم لكونه الملك المطلق بغير سبب ربط الأجر بالفاء دليلا على أن إسلامهم هو السبب فقال : فله خاصة أجره عند ربه إحسانا إليه بإثبات نفعه على حسب ما ربه به في كل شريعة .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ربما ادعى أنه ما أفرد الضمير إلا لأن المراد واحد بعينه فلا يقدح ذلك في دعوى أنه لن يدخل الجنة إلا اليهود أو النصارى جمع فقال : ولا خوف عليهم من آت ، ولا هم يحزنون على شيء فات دفعا لضرهم ، وهذا كما أثبت سبحانه خلاف دعواهم في مس النار بقوله : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته الآية ، فالتحم الكلام بذلك أشد التحام وانتظم أي انتظام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية