الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون

                                                                                                                                                                                                                                        (62 - 63) هذا إخبار من الله تعالى، عما يسأل عنه الخلائق يوم القيامة، وأنه [ ص: 1294 ] يسألهم عن أصول الأشياء، عن عبادة الله وإجابة رسله، فقال: ويوم يناديهم أي: ينادي من أشركوا به شركاء يعبدونهم، ويرجون نفعهم، ودفع الضرر عنهم، فيناديهم، ليبين لهم عجزها وضلالهم، فيقول أين شركائي وليس لله شريك، ولكن ذلك بحسب زعمهم وافترائهم، ولهذا قال: الذين كنتم تزعمون فأين هم، بذواتهم؟! وأين نفعهم؟! وأين دفعهم؟! ومن المعلوم أنهم يتبين لهم في تلك الحال، أن الذي عبدوه، ورجوه باطل، مضمحل في ذاته، وما رجوا منه، فيقرون على أنفسهم بالضلالة والغواية. ولهذا قال الذين حق عليهم القول من الرؤساء والقادة في الكفر والشر، مقرين بغوايتهم وإغوائهم: ربنا هؤلاء التابعون الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا أي: كلنا قد اشترك في الغواية، وحق عليه كلمة العذاب، تبرأنا إليك من عبادتهم، أي: نحن برآء منهم ومن عملهم. ما كانوا إيانا يعبدون وإنما كانوا يعبدون الشياطين.

                                                                                                                                                                                                                                        (64) وقيل لهم: ادعوا شركاءكم على ما أملتم فيهم من النفع فأمروا بدعائهم في ذلك الوقت الحرج، الذي يضطر فيه العابد إلى من عبده، فدعوهم لينفعوهم، أو يدفعوا عنهم من عذاب الله من شيء. فلم يستجيبوا لهم فعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين مستحقين للعقوبة، ورأوا العذاب الذي سيحل بهم عيانا، بأبصارهم بعدما كانوا مكذبين به، منكرين له لو أنهم كانوا يهتدون أي: لما حصل عليهم ما حصل، ولهدوا إلى صراط الجنة، كما اهتدوا في الدنيا، ولكن لم يهتدوا، فلم يهتدوا.

                                                                                                                                                                                                                                        (65-66 ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين هل صدقتموهم، واتبعتموهم؟ أم كذبتموهم وخالفتموهم؟ فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون أي: لم يحيروا عن هذا السؤال جوابا، ولم يهتدوا إلى الصواب، ومن المعلوم أنه لا ينجي في هذا الموضع إلا التصريح بالجواب الصحيح، المطابق لأحوالهم، من أننا أجبناهم بالإيمان والانقياد، ولكن لما علموا تكذيبهم لهم وعنادهم لأمرهم، لم ينطقوا بشيء، ولا يمكن أن يتساءلوا ويتراجعوا بينهم في ماذا يجيبون به، ولو كان كذبا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية