ص ( وهل الجسد كالثوب أو يجب غسله خلاف ) .
ش يعني أنه اختلف في الجسد هل هو كالثوب فإذا شك هل أصابته نجاسة أم لا وجب نضحه ، أو ليس هو كالثوب بل يجب غسله قولان مشهوران والقول الأول قال ابن شاس إنه ظاهر المذهب ، وقال هو الأصح وأخذ من قول ابن الحاجب في المدونة وهو طهور لكل ما شك فيه وعزاه مالك ابن رشد وضعفه ، وقال لابن شعبان ابن ناجي - رحمه الله تعالى - وهو مقتضى ما في العتبية واختصار البراذعي وعزاه عبد الحق لأبي عمران قال ابن عرفة ونقله المازري عن المذهب والقول الثاني قال ابن عرفة إنه المشهور وجعله ابن رشد المذهب وعزا مقابله وضعفه وأخذ من قوله في المدونة ، ولا يغسل أنثييه من [ ص: 169 ] المذي إلا أن يخشى إصابته إياهما ، وقال في التوضيح مقتضى كلامه في البيان أن المذهب وجوب غسل الجسد ; لأنه قال : وأصل لابن شعبان أن ما شك في نجاسته من الأبدان لا يجزئ فيه إلا الغسل بخلاف الثياب ، ومن الدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم { مالك } فأمر بغسل اليد للشك في نجاستها ، وفي كتاب إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في الإناء فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده أنه ينضح ما شك فيه من الثياب والأبدان انتهى . ابن شعبان
( قلت ) ما ذكره عن ابن رشد هو في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة وزاد بعدما ذكره عن : " وهذا شذوذ " ولعل هذه اللفظة سقطت من نسخة ابن شعبان المصنف وإلا لذكرها فإنها أبين في تضعيف ما صححه مما نقله ابن الحاجب المصنف ولذا عزا ابن عرفة القول الأول لنقل عن شاذ قول ابن رشد وكلام العتبية الذي أشار إليه ابن شعبان ابن ناجي - رحمه الله تعالى - هو قوله في المسألة التي هذا شرحها : سئل عن نضح الثوب فقال : تخفيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { مالك } وكان اغسل ذكرك وأنثييك وانضح ينضح وهو حسن وتخفيف يريد تخفيفا لما شك فيه فإن ظاهر ما قاله يقتضي عبد الله ، وقال في المدونة : ولا يغسل أنثييه من المذي إلا أن يخشى إصابته إياهما فأخذ منه النضح في الجسد أنه إذا خشى إصابتهما يغسلهما ورد الباجي المازري الأخذ بأنه تعلق بدليل الخطاب قال ابن عرفة وفيه نظر وضعف ابن عبد السلام وغيره الأخذ لجواز كون الاستثناء منقطعا أي لكن إن خشي إصابتهما وجب النضح ، وقال بعضهم معنى إلا أن يخشى إصابتهما إلا أن يتيقن إصابتهما ، قال ابن ناجي : ولا أعرفه ، وقال عبد الحق وسند ظاهر المدونة وفرقا بينه وبين الثوب بأن النضح على خلاف القياس فيقتصر على ما ورد فيه وإنما ورد في الحصير ، وفي الثوب ولأنه لا ضرورة في غسل الجسد بخلاف الثوب فإنه ينتظر جفافه ، قال في التوضيح : وإنما قالا ظاهر المدونة لأنه لما نص على خصوص الجسد أمر بالغسل وإنما أخذ النضح فيه من تعميمه بقوله هو طهور لكل ما شك فيه وهو محتمل للتخصيص انتهى . الغسل في الجسد مع الشك
بل القاعدة أن الخاص يقدم على العام ، واعترض صاحب الذخيرة على ابن شاس في قوله إن ظاهر المذهب مساواة الجسد للثوب بما قاله سند . وعبد الحق
والحاصل أن القول بغسل الجسد أقوى من القول بنضحه .
( تنبيهات الأول ) اللفظ المتقدم عن المدونة في مسألة المذي هو الذي في الأمهات واختصرها البراذعي بلفظ إلا أن يصيبها منه ، واعترضه بأن اللفظ الذي ذكره لا يقتضي الغسل مع الشك بخلاف لفظ الأمهات وهذا هو الذي أشار إليه عبد الحق ابن ناجي بقوله : هو مقتضى ما في العتبية واختصار البراذعي .
( الثاني ) ذكر صاحب الجمع عن ابن رشد أن قال يغسل الجسد وهو غريب والظاهر أنه وهم . ابن شعبان
( الثالث ) قال ابن ناجي اختلف في البقعة ، فقال ابن جماعة لا يكفي النضح فيها باتفاق ليسر الانتقال إلى المحقق ونحوه لابن عبد السلام ، وقال الشيخ أبو عبد الله السطي ظاهر المدونة ثبوت النضح فيها قال ومثله في قواعد عياض وزعم التادلي أنه متفق عليه ، ولا يقال هو ظاهر استدلال ابن يونس على مشروعية النضح بنضحه عليه الصلاة والسلام الحصير ; لأنا نقول : الحصير كالثوب لمشقة غسلها انتهى .
وأصله لابن عرفة في مختصره قال بعض شيوخ شيوخنا : والبقعة تغسل اتفاقا ليسر الانتقال إلى محقق وبعض شيوخنا الفاسيين كالجسد ونقله عن قواعد عياض فبعض شيوخ شيوخه هو ابن جماعة وبعض شيوخه هو السطي ونقله المشذالي وكلام ابن عبد السلام الذي أشار إليه ابن ناجي ذكره في الكلام على مسألة الجسد ونقل ابن غازي عن الشارمساحي أنها تغسل اتفاقا .
( قلت : ) وجزم الشيبي في [ ص: 170 ] شرح الرسالة بما قاله ابن جماعة فقال : ولا يجزئ النضح في الأرض بحال وما ذكره ابن عرفة عن بعض شيوخه أن البقعة كالجسد وأنه نقله عن قواعد عياض إن أراد بكونها كالجسد أنها تنضح وهو ممن يرى النضح في الجسد فهو كذلك لكنه في القواعد جعلها مخالفة للجسد فإنه حكى في الجسد الخلاف ولم يحك فيها خلافا ، وإن أراد بكونها كالجسد أن فيها الخلاف كما فيه فليس ذلك في القواعد ، ونصها : المزال عنه النجاسة ثلاثة أشياء جسد المصلي وما هو حامل له من لباس وخف وسيف وشبهه وما هو مصل عليه من أرض ، أو غيرها فالنضح يختص بكل ما شك فيه ولم تتحقق نجاسة من جميع ذلك إلا الجسد فقيل : ينضح ، وقيل : يغسل بخلاف غيره انتهى .
وفهم من كلامه في القواعد أن الخف والنعل ونحوهما ينضحان إذا شك في نجاستهما وهو وهم ظاهر ، وقال المشذالي في حاشيته على المدونة عن الوانوغي في قوله " وهو طهور لكل ما شك فيه " : لا خفاء في عدم صدق هذه الكلية لمن شذا طرفا من التحصيل لنقضها بالأرض والماء والطعام ، قال المشذالي : أما الأرض فذكر ابن عرفة إلى آخر ما تقدم عنه . وأما المطعومات فقد تردد فيها بعض المحققين من شيوخ شيوخنا انتهى . ولم يذكر الماء .
( قلت : ) ولا شك أنه طاهر مطهر على المشهور ; لأنا لو تحققنا الإصابة ولم يتغير الماء ، ولا لونه ، ولا ريحه فهو طاهر مطهر غاية ما فيه أنه يكره استعماله إذا كان يسيرا كآنية الوضوء والغسل هذا مع التحقيق والظاهر انتفاء الكراهة مع الشك ، وقد قالوا فيمن : إنه لا ينجس بذلك الماء ، وإن شك في نجاستها ولا يعترض على ذلك بكراهة سؤر ما لا يتوقى النجاسة ; لأن الغالب عليه النجاسة وليس في مسألتنا إلا الشك إذا تغير الماء وشك في مغيره هل يضر أم لا فإنه طهور . وأما المطعومات فالأمر فيها أظهر ، وقد قالوا في سؤر ما لا يتوقى النجاسة من الطعام إنه لا يطرح قال أدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ابن عبد السلام : لأن أصل هذه المسألة إنما هو الشك والطعام لا يطرح بالشك ، والله - تعالى - أعلم .
( الرابع ) لم أر في ذلك نصا صريحا والظاهر أنا إن قلنا إنه كالثوب فلا إشكال ، وإن قلنا حكمه الغسل فإن مشينا على المشهور وأنه لا يجب في هذه الصورة نضح فكذلك الجسد ، وإن قلنا يجب النضح فينبغي أن يجب غسل الجسد ، فتأمله ، والله - تعالى - أعلم . إذا تحققت الإصابة للجسد وشك في نجاسة المصيب